نخبة بوست- كتب: حسام الحياري
تناقش دراسة نشرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات بعنوان: “الدبلوماسية الدفاعية والإعلام: رصيد غير مُستثمَر” لعبد العزيز بن ثاني آل ثاني أن الإعلام يمكن أن يشكل جزءًا حيويًا من الدبلوماسية الدفاعية، حيث يساعد على بناء الصورة الذهنية للدول وتعزيز قوتها الناعمة. الإعلام يمتلك القدرة على تشكيل الرأي العام ودفع السرديات التي تخدم مصالح الدول، سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الخارجي.
ومن بين الأدوات التي ظلت غير مستثمرة بشكل كافٍ في هذا السياق هي العلاقة بين الدبلوماسية الدفاعية والإعلام، والتي يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في بناء التصورات الإيجابية عن الدول وكسب الدعم الدولي والمحلي؛ فالقوة الناعمة تعمل على التأثير في الآخرين عن طريق الجذب والإقناع، بدلًا من الدفع والإكراه.
تشير الدبلوماسية الدفاعية إلى الاستخدام الذكي للموارد الدفاعية، سواء الصلبة أو الناعمة، لتحقيق أهداف سياسية وأمنية. هذا المصطلح تطور منذ نهاية الحرب الباردة ليشمل أنشطة عديدة غير عسكرية مثل التعاون الأمني وتبادل المعلومات والاستخبارات، وهو ما يسهم في تعزيز الاستقرار الدولي والتفاهم المتبادل بين الدول.
استعرضت الدراسة تجربتين ناجحتين في دمج الإعلام في الدبلوماسية الدفاعية: تركيا والولايات المتحدة.
فتركيا استخدمت الدراما التلفزيونية كأداة للتأثير الثقافي والسياسي، وقد حققت مسلسلات مثل “قيامة أرطغرل” و”السلطان عبد الحميد” نجاحات كبيرة في تصدير صورة إيجابية عن الدولة التركية وقيمها الوطنية والتاريخية، حيث تم بث هذه المسلسلات في أكثر من 80 دولة، مما ساعد تركيا في تعزيز نفوذها الإقليمي وجذب السياح.
على الجانب الآخر، استخدمت الولايات المتحدة الدراما الهوليودية لتعزيز صورتها كقوة لا يمكن منافستها، مستندة إلى خطط استثمارية طويلة الأمد في الإعلام والدراما لتعزيز هيمنتها على المستوى الدولي.
بالرغم من الفرص الكبيرة التي يوفرها الإعلام للدبلوماسية الدفاعية، إلا أن هناك تحديات تبرز، من بينها تعارض حرية الإعلام مع المصالح الأمنية.
في العديد من الحالات، قد تؤدي التغطية الإعلامية غير المدروسة إلى إلحاق الضرر بالعلاقات الدولية أو تعريض المصالح الأمنية للخطر. لذا، تحتاج الدول إلى استراتيجيات ذكية توازن بين حرية الإعلام والحاجة إلى الحفاظ على الأمن القومي.
إذا تم دمج الإعلام بشكل فعّال في استراتيجيات الدبلوماسية الدفاعية، يمكن للدول أن تحقق مكاسب كبيرة في بناء الصورة الذهنية وتغيير الاتجاهات لدى الجهات المستهدفة سواء من خلال الأخبار أو الدراما.
اكتشاف المزيد من نخبة بوست
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.