* أساس التحليل أن الحروب الإسرائيلية هي حروب أمريكية وليست إسرائيلية

* لن يوقف الحرب إلا اقتناع الإسرائيليين أنهم يخسرون في هذه الحرب، وأن الدبلوماسية والتسويات والمفاوضات والتراتيب السياسية أكثر فائدة من الحرب

* تبدو إسرائيل في ذروة انتصارها ويشعر نتنياهو وحلفاؤه وأنصاره الإسرائيليون وهم الأغلبية الكبرى والمتماسكة أنه ليس ثمة ما يجبرهم على وقف الحرب

* الحرب الروسية الأوكرانية وتطورات الصراع بين إسرائيل وإيران، وما يجري في العراق واليمن تجعل من احتمال قيام صراع مباشر بين الدول قائما ومحتملاً

* لن تكون الدول المتوقع أنها لن تشارك في الحرب مباشرة وأقصد الأردن وسوريا ومصر ودول الخليج في منأى عن الصراع واحتمال التورط فيه، وسوف تتأثر بالتأكيد وكأنها جزء من الحرب حتى وإن لم تشارك فيها فعليا

نخبة بوست – كتب: إبراهيم غرايبة

وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً
وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها
وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم
كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ
فَتُغلِل لَكُم ما لا تُغِلُّ لِأَهلِها
قُرىً بِالعِراقِ مِن قَفيزٍ وَدِرهَمِ


ماذا سيكون مسار الحرب في غزة ولبنان بعد الانتخابات الأمريكية؟ هل سيؤثر الرئيس القادم على العمليات العسكرية والسياسات الإسرائيلية؟

مؤكد (نظريا) أنه يمكن لأي رئيس للولايات المتحدة الأمريكية أن يمارس نفوذا قويا على إسرائيل. هذه الحقيقة هي أساس التحليل أن الحروب الإسرائيلية هي حروب أمريكية وليست إسرائيلية، وكان ممكنا أن تتحول معاهدات السلام التي وقعت أو كانت على وشك التوقيع مع سوريا إلى حالة استقرار دائم حتى لو تؤدي إلى تسويات نهائية للصراع.

لم يكن مقتل إسحق رابين ومن قبله أنور السادات بعيداً عن السياسة الأمريكية القائمة على استمرار الحرب والتحريض عليها أو إبقاء الإقليم في حالة صراع وعداء مستمرين إلى الأبد!

لم يكن مقتل إسحق رابين ومن قبله أنور السادات بعيدا عن السياسة الأمريكية القائمة على استمرار الحرب والتحريض عليها أو إبقاء الإقليم في حالة صراع وعداء مستمرين إلى الأبد! علينا الانتظار ثلاثين سنة أخرى حتى تنحسر الأجيال التي أنشأتها نتائج واعتبارات الحربين العالميتين الأولى والثانية والتي لا ترى نفسها ومصلحتها في الولايات المتحدة والغرب إلا بالهيمنة على الإقليم ومنعه من الاستقرار والازدهار.

لقد ظهر انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 كأنه اكتمال الانتصار للحلفاء في الحرب العالمية الثانية، لكنه أيضا في واقع الحال كان تغييرا عميقا في بنية العالم ومصالحه تريد الولايات المتحدة الأمريكية مقاومته، وتظن أن في مقدورها الاستمرار في تسيير العالم كما كان الأمر قبل 1991 بل وبمزيد من الهيمنة والانتصارات.


تبدو إسرائيل في ذروة انتصارها، وبالتأكيد يشعر نتنياهو وحلفاؤه ومؤيدوهم وأنصارهم الإسرائيليون وهم الأغلبية الكبرى والمتماسكة أنه ليس ثمة ما يجبرهم على وقف الحرب، وأن في مقدورهم أن يفعلوا ما يشاؤون، وليس لدى الأوروبيين والأمريكان أي دافع أخلاقي لوقف الحرب، كما لا يبدو ثمة ضرر اقتصادي على المصالح الغربية، ربما يكون تخصيص مبالغ إضافية لإسرائيل عقبة في البرلمانات والرأي العام، لكن ذلك ليس مشكلة كبيرة بالنسبة للقادة السياسيين.


لن يوقف الحرب إلا اقتناع الإسرائيليين أنهم يخسرون في هذه الحرب، وأن الدبلوماسية والتسويات والمفاوضات والتراتيب السياسية أكثر فائدة من الحرب، لكنها فكرة لن تأتي أو تظهر بسرعة أو مباشرة، بل تحتاج إلى وقت حتى تلقي نتائج التوتر والتأثير العسكري بتداعياتها ومتوالياتها على عجلة الاقتصاد والحياة، وحتى تخف النشوة الجماهيرية المتطرفة، وتواجه حقائق جديدة على الأرض.

لكن نتنياهو لا يبحث عن مخرج للصراع، أصبحت هذه المقولة بديهية مكررة، فلن يغير نتنياهو سوى تغير الإسرائيليين أنفسهم، في النهاية سوف يدرك الإسرائيليون الخسائر والأزمة التي يعيشونها وعدم أهمية أو جدوى الحرب، لم يكن القتل مفيدا في شيء لإسرائيل والإسرائيليين سوى التسلية والمتعة السادية!

سوف يدرك الإسرائيليون الخسائر والأزمة التي يعيشونها وعدم أهمية أو جدوى الحرب، لم يكن القتل مفيداً في شيء لإسرائيل والإسرائيليين سوى التسلية والمتعة السادية!

يقال عن ترتيبات أمنية وسياسية يمكن إجراؤها في غزة ولبنان، وهي تراتيب متصلة بالأمريكان أكثر من الإسرائيليين، ولن تبدأ تأخذ مكانا في التفكير الأمريكي وسياسات الرئيس الجديد قبل بداية العام القادم، فالولايات المتحدة تعيش حالة من الفراغ السياسي الذي يتكرر كل أربع سنوات. وإذا قررت الإدارة الأمريكية القادمة والدول الأوروبية الكبرى (ألمانيا وفرنسا) تغيير اتجاه ومسار الواقع في الشرق الأوسط، فسوف يكون ذلك حدثا جديدا ومؤثرا وإن كان متوقعا أو ممكنا.


في المقابل ثمة منطق يدعو إلى التقدير أن سلسلة من العنف المتبادل قد بدأت، فالفلسطينيون واللبنانيون وربما غيرهم من العرب سوف يشغلهم الانتقام والردّ على إسرائيل، ما من حرب يمكن أن تقف ما دامت أسباب الصراع ومحفزاته قائمة، ثمة قضية يجتمع حولها الناس، وهناك أيضا فرص للتمويل والتسليح والتدريب، لن يقف العنف مادام في مقدور الأطراف أن يحصلوا على التدريب والسلاح والتمويل وما داموا يعتقدون أنهم يجب أن يقاتلوا، لن توقف القوة المفرطة والهيمنة إرادة المقاومة مهما كان المقاومون ضعفاء وقليلي الحيلة، فلم تكن الصراعات جميعا بين المحتلين والمحتلين سوى صراعات بين الأقوياء المتغطرسين والمستضعفين الفقراء. لا يوقف العنف سوى قناعة أو إرادة لدى المهزوم (وليس المنتصر) بأنه يجب أو يريد أن يوقف الحرب. ولذلك يمكن التقدير نظريا على الأقل أن العنف المتبادل في بدايته وأنه مرشح للاستمرار.

ثمة متغير لم يكن يؤخذ بالحسبان منذ عام 1973 وهو انتهاء الحرب بين الدول وتحول الصراع الإقليمي إلى جماعات وليس دولا تواجه الاحتلال

ثمة متغير آخر لم يكن يؤخذ بالحسبان منذ عام 1973 وهو انتهاء الحرب بين الدول وتحول الصراع الإقليمي إلى جماعات وليس دولا تواجه الاحتلال، ثم اتجهت الحروب بين الدول إلى التوقف والانحسار، لكن الحرب الروسية الأوكرانية وتطورات الصراع بين إسرائيل وإيران، وما يجري في العراق واليمن تجعل من احتمال قيام صراع مباشر بين الدول قائما ومحتملا، ولن تكون في هذه الحالة الدول المتوقع أنها لن تشارك في الحرب مباشرة وأقصد الأردن وسوريا ومصر ودول الخليج في منأى عن هذا الصراع واحتمال التورط فيه، وسوف تتأثر بالتأكيد وكأنها جزء من الحرب حتى وإن لم تشارك فيها فعليا.

تجاوزت قيادات حماس وحزب الله الستين وناهزت السبعين من عمرها، ولا بدّ أن تأتي أجيال جديدة تقود الجماعتين وتفكر في الصراع بمنطق الجيل الجديد

وأخيرا فإن تغير الأجيال وصراعها يغير في وجهة الأحداث ومسارها، وقد تجاوزت قيادات حماس وحزب الله الستين وناهزت السبعين من عمرها، ولا بدّ أن تأتي أجيال جديدة تقود الجماعتين وتفكر في الصراع بمنطق الجيل الجديد المرجح أن يكون مختلفا عن الجيل السابق، فاختلاف والأجيال وصراعها من حقائق الحياة.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version