نخبة بوست – كتب : المحامي معاذ المومني ( المستشار القانوني في معهد القانون والمجتمع)
تشكل مفاهيم القانون والمجتمع عناصر أساسية في بنية أي مجتمع بشري، حيث تتداخل هذه المفاهيم وتتناسب طردياً وعكسياً – أحياناً – من خلال التأثيرات المتبادلة بينهما، والتي ينتج عنها بطبيعة الحال العناصر الأساسية في بنية ووجود وتطور أي مجتمع بشري. وعليه، فلا بد من فهم العلاقة بين القانون والمجتمع، لأن ذلك يعزز بالضرورة الفهم والقدرة على كيفية تشكيل القوانين وتأثيرها على الحياة اليومية في المجتمع الإنساني.
يتيح القانون للمجتمع ضوابط وحدود السلوك المقبول، ويضع قواعد للمسؤولية الفردية عندما يتم انتهاك القانون
من المستقر في الفقه القانوني أن أقرب التعريفات الاصطلاحية للقانون هو أنه مجموعة من القواعد التي تهدف إلى تنظيم الممارسات والعلاقات بين الأفراد والمؤسسات في المجتمع بهدف تحقيق التوازن والعدالة. حيث يتيح القانون للمجتمع ضوابط وحدود السلوك المقبول، ويضع قواعد للمسؤولية الفردية عندما يتم انتهاك القانون. وهذا يعني بالضرورة أنه يتعين على النظام القانوني أن يتدخل لوضع الضوابط الشكلية والموضوعية، وفرض العقوبات لضبط ميزان العدالة ومنع الجريمة وحماية الحقوق والحريات العامة وحقوق الإنسان الفردية والجمعية.
يتأثر القانون بشكل كبير بالمجتمع، حيث تنعكس الممارسات والقيم والمعتقدات والتطورات الاجتماعية في المجتمع على شكل القانون ومضامينه لإعادة صياغة تشريعات تتوافق مع التغيرات الاجتماعية، وتحديداً السلوكية منها
في المقابل، يتأثر القانون بشكل كبير بالمجتمع، حيث تنعكس الممارسات والقيم والمعتقدات والتطورات الاجتماعية في المجتمع على شكل القانون ومضامينه لإعادة صياغة تشريعات تتوافق مع التغيرات الاجتماعية، وتحديداً السلوكية منها. فتتغير بعض القوانين بمرور الوقت لتعكس الآراء المتغيرة حول هذه القضايا في المجتمع بتغير شكل التعاطي أو القبول الاجتماعي في موضوع معين، لتلبية هذه التغيرات وتحقيق المصلحة العامة في المجتمع. والأمثلة على ذلك كثيرة؛ لابل، في بعض الأحيان يكون القانون وسيلة لتحقيق التغيير الاجتماعي بما ينسجم مع القيم والمبادئ المستقرة وبما يتناسب مع التطورات الطبيعية داخل المجتمع، لتحقق تغييراً إيجابياً ينعكس على الممارسات الاجتماعية اليومية.
لا بد من خلق حالة تفاعل مستدام بين القانون والمجتمع لضمان الحصول على نتائج إيجابية؛ ولا بد أن يتم تطوير قوانين وتشريعات تعزز الثقة بالمنظومة القانونية وتولد الشعور لدى الأفراد أن هذه القوانين تمثل مصالحهم وتعكس قيمهم الاجتماعية
وعليه، فلا بد من خلق حالة تفاعل مستدام بين القانون والمجتمع لضمان الحصول على نتائج إيجابية. ولا بد أن يتم تطوير قوانين وتشريعات تعزز الثقة بالمنظومة القانونية وتولد الشعور لدى الأفراد أن هذه القوانين تمثل مصالحهم وتعكس قيمهم الاجتماعية، وتعزز بذات الوقت ثقة المجتمع بالسياسات العامة التي تنتهجها المؤسسات المعنية. ولا يتحقق ذلك إلا من خلال وضع أسس وضوابط شكلية ومعيارية يتم ترجمتها على شكل خطط واستراتيجيات تشريعية تتجسد من خلال سياسات وممارسات تنعكس على المجتمع بما يحقق قيم العدالة وسيادة القانون وتعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد، والتي من شأنها جميعاً أن تعزز قيم المواطنة والمشاركة العامة بكافة أشكالها.
ويشمل ذلك تقييم الأثر التشريعي للقوانين وانعكاساتها الاجتماعية والقانونية والمنظومة الحقوقية، بما يعزز التناغم بين القانون والمجتمع، والذي ينتج عنه فهم صحي لهذه العلاقة ويسهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وازدهار.