* أبوهديب: تصريحات سموتريتش جزءاً من السياسة الفاشية التي تنتهجها هذه الحكومة المتطرفة
* مدانات: هذه الهيمنة تمثل جزءا من المشروع الأمريكي الكبير في المنطقة
* القاسم: تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة وغزة “واقع قائم”
في تصريحات مثيرة للجدل، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة، جاء ذلك خلال مؤتمر عُقد في القدس المحتلة دعا خلاله سموتريتش إلى فرض السيادة الإسرائيلية على كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف أن “الفلسطينيين الذين يوافقون على هذا القرار (ضم الضفة وغزة) سيحصلون على حقوق المواطنة الإسرائيلية”، أما من يرفض فسيُهجّر، ومن يرفض كلا الخيارين سيُعامل كإرهابي”؛ هذه التصريحات تكشف عن نوايا الاحتلال العدوانية تجاه الأراضي الفلسطينية والمنطقة، وتوضح مخططات التهجير القسرية التي يسعى الاحتلال إلى تنفيذها.
وهذه ليست المرة الأولى التي يخرج فيها سياسي إسرائيلي ويدعو علنًا إلى إنكار الوجود الفلسطيني في هذه الأراضي المحتلة، حيث ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال خطابه في الأمم المتحدة حاملاً خريطتين لمنطقة الشرق الأوسط، ظهرت فيهما إسرائيل دون أي إشارة إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة، حيث وصف نتنياهو الخريطة الأولى بـ”النعيم” والثانية بـ “اللعنة”، كما عرض الدول العربية التي تعتبر تحت سيطرة إيران، مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن.
أبوهديب: تصريحات سموتريتش جزءاً من السياسة الفاشية التي تنتهجها هذه الحكومة المتطرفة
وتعليقاً على هذه التصريحات، قال النائب الأسبق د. محمد أبوهديب لـ “نخبة بوست” إن دعوة سموتريتش لتطبيق السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة تُعد جزءاً من السياسة الفاشية التي تنتهجها هذه الحكومة المتطرفة.
وأوضح أن نجاح هؤلاء في الانتخابات جاء نتيجة تبنيهم برامج وسياسات توسعية لا تقبل على الإطلاق بقيام دولة فلسطينية، في إشارة منه إلى حكومة بنيامين نتنياهو ووزرائه.
وأشار إلى أن هذه الجرائم تُرتكب بدعم دولي غير مسبوق، وفي ظل خذلان عربي يتجاهل خطورة ما يجري، مؤكدا أن الأحداث الجارية في المنطقة تثبت أننا نمر بمرحلة إعادة تشكيل خارطة المنطقة التي تفرضها القوى الصهيونية، وهي رؤية لا يكتفي الكيان بالإعلان عنها، بل يسعى إلى تنفيذها عملياً، ولفت إلى أن هذا التوجه يمتد ليشمل غزة، الضفة الغربية، ولبنان، مؤكداً أنه في حال نجح الاحتلال في ذلك، فإنه سيستمر في تنفيذ مخطط توسيع الدولة.
ومع ذلك، أكد أبوهديب أن الشعوب لن تقبل بهذا الواقع، رغم خذلان النظام العربي الرسمي والتواطؤ العالمي.
مدانات: هذه الهيمنة تمثل جزءا من المشروع الأمريكي الكبير في المنطقة
من جانبه، يرى المحلل السياسي شادي مدانات أن تصريحات حكومة الاحتلال المتطرفة تعكس جوهر الكيان وأهدافه، إذ تمثل مزيجاً من الرسائل المقصودة ونوعاً من التطرف الذي يكشف عن حقيقة طموحاتهم؛ كما تحمل هذه التصريحات رسالة واضحة تؤكد استمرارهم في تنفيذ مشاريعهم بفرض سيطرتهم.
اليسار الصهيوني، الذي تمثله شخصيات مثل شمعون بيريز والأجيال التي تلته، يتبع نهجاً أقل تطرفاً؛ إذ يطرح مشاريع مثل “الشرق الأوسط الجديد” الذي قدمه بيريز في عام 1996، وطرح فيه أفكاراً حول “السلام الاقتصادي” في كتاباته.
وأشار مدانات إلى أن هذا المشروع يتم تحقيقه عبر أدوات متنوعة، أبرزها القوة العسكرية التي تلعب دوراً أساسياً في تحديد النتائج؛ ويأتي ذلك ضمن إطار المشروع الأكبر، وهو “مشروع الشرق الأوسط الكبير” الذي تعتبر إسرائيل أداته الأساسية في المنطقة.
وفي المقابل، يعبر اليمين الصهيوني، كما في فترات شارون وشامير ونتنياهو، عن أهداف الكيان بشكل أكثر وضوحاً وصراحة، إلا أن كلا الطرفين يتطلعان لتحقيق هدف واحد، وهو تعزيز هيمنة إسرائيل وتحويلها إلى مركز عسكري واقتصادي وسياسي قوي وسط محيط ضعيف ومفكك.
هذه الهيمنة بحسب مدانات تمثل جزءاً من المشروع الأمريكي الكبير في المنطقة، مشيراً إلى تصريح شمعون بيريز عن عملية أوسلو، حيث وصفها بأنها “خديعة” لإقناع الفلسطينيين بإمكانية الحصول على دولة، بينما كانت السيادة الكاملة تُمنح لإسرائيل كدولة يهودية.
وعن توقيت إعلان هذه المخططات من قبل بتسلئيل سموتريتش، بيّن مدانات أن ذلك يرتبط بعدة عوامل مؤثرة، من بينها الإنجازات العسكرية في غزة واغتيال قيادات من حزب الله في الأسبوعين الماضيين في لبنان، منوها إلى أن موازين القوى قد تغيرت منذ السابع من أكتوبر، حيث أسهمت الأحداث المتلاحقة في تحقيق نوع من التوازن في قوة الردع بين حماس وحزب الله من جهة، والقوى الصهيونية من جهة أخرى.
القاسم: تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة وغزة “واقع قائم”
على صعيد متصل، أشار الخبير في القانون الدولي أنيس القاسم إلى أن تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة هو “واقع قائم” بفعل القانون الذي سنته إسرائيل عام 2018، المعروف بـ “قانون القومية”، والذي بموجبه فرضت سيادتها على الضفة الغربية “قانونياً”.
هذه التصريحات تمثل خرقاً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد على أن المحاكم الدولية يجب أن تصدر القرارات والأوامر اللازمة للدول، إلا أن الخلل يكمن في التنفيذ وليس في القرارات نفسها؛ إذ إن المحكمة ليست مختصة بتنفيذ القرارات التي تصدرها، مما يضع اللوم على عاتق جميع الدول المستفيدة أو ذات المصلحة في المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني.
الاردن يدين تصريحات سموتريتش
وحول الموقف الرسمي الأردني؛ أكد الأردن على “رفضه وإدانته لهذه الدعوات الاستيطانية التحريضية، التي تمثل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي، وخصوصًا القرار 2334 الذي يدين جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي وطابع ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.”
وشددت وزارة الخارجية الأردنية على أن “الفكر العنصري الذي يتجلى في تصريحات وزير المالية الإسرائيلي يعد امتدادًا لسياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، التي تواصل عدوانها على غزة، وتحاصر شمال القطاع، وتمنع دخول الغذاء والدواء إلى سكانه، سعيًا لتهجيرهم من منازلهم.”
يُذكر أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334، وهو أول قرار يُمرر في مجلس الأمن يتعلق بإسرائيل وفلسطين منذ عام 2008، يؤكد عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ويعتبر إنشاء المستوطنات انتهاكًا صارخًا بموجب القانون الدولي.
لمحة حول تقسيم الأراضي الفلسطينية
في 4 يونيو 1967، احتلت قوات الاحتلال الضفة الغربية، بما في ذلك شرقي القدس، وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان.
أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 242 في نوفمبر 1967، الذي دعا “إسرائيل” إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة؛ وبعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، حصلت بعض المناطق على حكم ذاتي تحت إدارة “السلطة الوطنية الفلسطينية”.
مع انهيار المفاوضات السياسية في نهاية 2014، لجأ الفلسطينيون إلى المجتمع الدولي مطالبين بالاعتراف بدولتهم على حدود 1967 والانضمام إلى المؤسسات الدولية. وتسيطر “إسرائيل” حاليًا على 85% من أراضي فلسطين التاريخية، بينما لا يتبقى للفلسطينيين سوى 15%.