*الرنتاوي : الشيخ نعيم قاسم هو المسؤول شخصياً عن عملية التعافي السريع للحزب، خلال الفترة التي أعقبت عمليات الاغتيال المتلاحقة لقادة الحزب

*السبايلة: تعيين قاسم أميناً عاماً لحزب الله يأتي في إطار الضرورة والتعامل مع الأمر الواقع، واستهدافه “وارد”

*غيشان: نعيم قاسم هو الشخصية التي تدير الحزب حالياً؛ والتجربة خلال الشهر الماضي أثبتت ضرورة أن تكون القيادة موزعة ولا تتركز على شخص محدد

*حباشنة: نعيم قاسم قائد ملتزم، وقد عُرف عنه عدم إصابته بأي أمراض تنظيمية، ويضع الآن على رأس أولوياته إنقاذ الحزب والنهوض به

*مدانات: تولي قاسم هذا المنصب يمثل رسالة تحدٍ من الحزب للإسرائيليين، خاصة أنه شخصية مناضلة وواحدة من الأسماء المدرجة على قائمة الاستهداف

نخبة بوست – أماني الخماش 

بعد تكهنات وسيناريوهات عديدة، ومع مرور نحو شهر على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بغارات استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية في 27 أيلول الماضي، أعلنت قيادة حزب الله في بيان عن تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً جديداً للحزب.

يعد قاسم من الشخصيات البارزة في الحزب ومن المساهمين في تأسيسه، وقد شغل منصب نائب الأمين العام للحزب مرتين: الأولى عندما كان نائباً لعباس الموسوي، والثانية عندما كان نائباً لنصر الله.

وبالرغم من أن هاشم صفيّ الدين كان الأبرز لخلافة نصر الله، إلا أنه في 23 من تشرين الأول الحالي، أصدر الحزب بياناً ينعاه فيه، إثر استهدافه بغارات إسرائيلية؛ وفي ضوء ذلك، كانت جميع المؤشرات تدل على أن قاسم هو المرشح الأبرز لمنصب الأمين العام لحزب الله.

انتخاب قاسم .. نهج جديد أم الاستمرار لما هو قائم؟

وفي ظل المستجدات على الجبهة الشمالية، يأتي تعيين نعيم قاسم رسالةً من الحزب تؤكد تعافيه وإعادة تنظيم صفوفه، مع استمراره في نهجه العسكري المتبع.

من حسن نصر الله إلى نعيم قاسم: الانتقال القيادي وتأثيره على حزب الله
صورة مأخوذة من قناة المنار التابعة لحزب الله تظهر نائب رئيس الحزب نعيم قاسم وهو يلقي خطابا من مكان غير معلوم في 15 أكتوبر 2024 (أ ف ب)

وقد أعلن قاسم، في خطاباته التي أعقبت اغتيال نصر الله، عن بدء معادلة “الحساب المفتوح” التي تقوم على تصعيد العمليات العسكرية، مؤكداً أن جبهة الشمال لن تهدأ إلا بوقف الحرب على غزة، ومشيراً إلى أن سكان المنطقة لن يعودوا طالما استمرت الحرب.

وفي ضوء هذه المعطيات، تطرح عدة تساؤلات حول النهج الذي سيتبعه الأمين العام الجديد، والذي يعتبره الإعلام الإسرائيلي “الحاكم الشرعي للمنظمة”، ومدى احتمالية تعرض قاسم للاستهداف كما حدث مع نصر الله وصفيّ الدين من قبله.

الرنتاوي: حزب الله يسعى لإعادة ترميم ميزان الردع؛ ومهمة قاسم “صعبة”

وفي هذا الصدد؛ قال الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” إن الدلالة الأهم والأبرز لتعيين الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله خلفاً للشهيد حسن نصر الله تتجلى في قدرة الحزب على ملء جميع الشواغر في سلسلة القيادة والسيطرة والتحكم.

وأشار إلى أن الشيخ نعيم قاسم معروف في أوساط الحزب، حيث شغل منصب نائب الأمين العام لسنوات طويلة، وتولى الملفات الداخلية بصفة خاصة، وكان مشرفاً على العلاقات الداخلية والانتخابات، كما يتمتع بعلاقات وثيقة مع حلفاء الحزب من طهران إلى الضاحية الجنوبية، مروراً بغزة والعراق واليمن.

وحول إمكانية ملء قاسم مكانة نصر الله، بيّن الرنتاوي أن المهمة “صعبة” ليس على قاسم وحده بل على أي خليفة للأمين العام الراحل، وذلك لأن نصر الله استطاع بناء شخصية قيادية كاريزمية لها حضور طاغٍ في الأوساط السياسية، سواء في البيئة الشيعية أو على المستويين الوطني اللبناني والإقليمي.

الرنتاوي : كان من الممكن أن يكون هناك مرشحون آخرون لهذا المنصب، لكن عمليات الاغتيال المتلاحقة أطاحت بأبرز المرشحين، وعلى رأسهم هاشم صفي الدين، ما دفع مجلس الشورى في الحزب للاستقرار على اختيار نعيم قاسم

وأضاف بقوله إن الشيخ نعيم قاسم هو المسؤول شخصياً عن عملية التعافي السريع للحزب، خلال الفترة التي أعقبت عمليات الاغتيال المتلاحقة، بما فيها اغتيال الأمين العام السابق.

ولفت الرنتاوي إلى أن الشيخ قاسم استطاع، حتى قبل انتخابه أميناً عاماً، أن يعمل على ترميم قدرات الحزب وتمكينه من استعادة زمام المبادرة، وبين أن الحزب يسعى اليوم، سواء عبر عملياته على الجبهة الأمامية أو القصف الصاروخي الذي يستهدف شمال ووسط فلسطين المحتلة، إلى إعادة بناء ميزان الردع الذي أسسه مع إسرائيل منذ حرب 2006 وحتى 2023.

يتولى نعيم قاسم إدارة الحزب في أصعب الظروف منذ تأسيسه عام 1982، والتحدي الأكبر يكمن في الحفاظ على هذا الزخم وعلى حياته، في ظل التهديدات الإسرائيلية المباشرة

وبحسب الرنتاوي؛ لا يزال الحزب يسعى لإعادة ترميم ميزان الردع، وهي مهمة ليست يسيرة، بل مكلفة للغاية، خصوصاً في البيئة الحاضنة له والبنى المدنية اللبنانية، وتحديداً في مناطق الجنوب والبقاع وبيروت.

السبايلة: تعيين قاسم ضرورة للتعامل مع الأمر الواقع

بدوره؛ قال المحلل السياسي د. عامر السبايلة إن تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله يأتي في إطار الضرورة، حيث لم يكن الخيار الأول أو الثاني للحزب، مما يجعل التعيين بمثابة التعامل مع الأمر الواقع.

وأشار السبايلة إلى عدم وجود حسابات خاصة وراء تعيينه، مؤكداً استمرار حزب الله في نهجه المعتاد في التعاطي مع مجريات الحرب.

السبايبة: الاستراتيجية التي تتبعها إسرائيل تستهدف قادة الحزب، مما يجعل احتمال استهداف الأمين العام الجديد، نعيم قاسم “وارد”

غيشان: رسالة واضحة للعدو الصهيوني ..

وفي هذا الصدد؛ قال الكاتب والمحلل السياسي نبيل غيشان إن تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله يحمل رسالة واضحة للعدو الصهيوني، مفادها أن حزب الله لا يخشى حرب الإبادة وأنه لا يزال صامداً في مواجهة العدوان؛ كما أنه يمثل رسالة لأنصار الحزب تؤكد أن القيادة لا تهاب الشهادة.

الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم

وأشار غيشان إلى أن نعيم قاسم هو الشخصية التي تدير الحزب حالياً، مضيفاً أن التجربة خلال الشهر الماضي أثبتت ضرورة أن تكون القيادة موزعة ولا تتركز على شخص محدد أو عدة أشخاص، بل يجب توزيع المهام على مستوى الخلايا والمجموعات الميدانية، وأن لا يكون ثقل القيادة محصوراً في أعلى هرم السلطة.

حباشنة: نعيم قاسم قائد ملتزم؛ ويضع الآن على رأس أولوياته إنقاذ الحزب والنهوض به

وضمن إطار تعليقه على تعيين  قاسم أمينا عاما لحزب الله؛ أوضح الكاتب والصحفي فارس حباشنة أنه مع إعلان تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله، وبعد مرور شهر على اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله، يظهر الحزب بقدرته على لملمة أوراقه التنظيمية، وأن موجة الاغتيالات والاختراقات الأمنية، كحادثة “البيجر واللاسلكي”، لم تؤثر على بنية التنظيم أو قوته العسكرية.

وأشار حباشنة إلى أن علامات نهوض وتعافي حزب الله من هذه الاغتيالات قد تعكسها الميادين وساحات جبهة الجنوب، حيث تتجدد المقاومة كطائر العنقاء من تحت الأنقاض، مواصلةً دورها العسكري في ردع إسرائيل، وتثبيت ترسيم الحدود اللبنانية، والدفاع المسلح عن قرار (1701).

وعن قدرة قاسم على إدارة الحزب في هذه المرحلة الصعبة، قال حباشنة إنه ليس من السهل أن يظهر بسرعة قائد يخلف الأمين العام الراحل حسن نصر الله، إلا أن أول ظهور للشيخ قاسم بعد استشهاد نصر الله أظهره ممسكاً بزمام الأمور، حاملاً للراية، ومجدداً لمشروع نصر الله.

حباشنة : استناداً إلى شخصية نصر الله، يبدو أن الحديث عن قائد جديد للمقاومة يتطلب الحذر، فالمرحلة المعقدة والصعبة تساهم في صقل قادة مخلصين وأوفياء، وتصنع جيلاً من القادة يشبهون نصر الله

وأضاف قائلاً “نعيم قاسم هو قائد ملتزم، وقد عُرف عنه عدم إصابته بأي أمراض تنظيمية، ويضع الآن على رأس أولوياته إنقاذ الحزب والنهوض به.”

مدانات: قاسم يتبع نهج نصر الله 

من جانبه؛ قال المحلل السياسي المهندس شادي مدانات إن تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله يحمل رسالة واضحة للصهاينة، مفادها “أن الحزب وقياداته لا يخشون الاستشهاد”؛ يأتي ذلك في أعقاب استشهاد حسن نصر الله، ثم اغتيال خليفته هاشم صفي الدين، ليتم بعد ذلك تعيين قاسم.

وأشار مدانات إلى أنه خلال تلك الفترة، ظهرت أصوات تعبر عن خشية حزب الله من تعيين أمين عام جديد بسبب احتمال الاستهداف؛ ومع تطور المعركة الصعبة، استطاع حزب الله تنظيم أموره، ويعتبر وجود الأمين العام حاجة ضرورية للحزب لإعادة ترتيب القيادة وتسلسلها.

مدانات : حزب الله تجاوز جميع الثغرات، ولم يعلن عن تعيين الأمين العام إلا بعد التأكد من قدرته على حمايته

وأضاف أن تولي قاسم هذا المنصب يمثل رسالة تحدٍ من الحزب للإسرائيليين، الذين قد يحاولون استهدافه، خاصة أنه شخصية مناضلة وواحدة من الأسماء المدرجة على قائمة الاستهداف التي نشرت قبل شهر.

وعن النهج المتوقع لقاسم، أشار مدانات إلى أن شخصية نصر الله، بما تحمله من تأثير وجماهيرية ومكانة، لن تمكن خليفته من ملء مكانه بسهولة. ورغم وجود اختلافات بين الشخصيتين، فإن قاسم يتمتع بطبيعة خاصة وقدرة كاملة على إدارة الحزب، نظراً لمرافقته لنصر الله لفترة طويلة.

مدانات:  قيادة قاسم للمعركة في الفترة الماضية أظهرت أنه يتبع نهج نصر الله في إدارة المعركة ميدانياً وإعلامياً، حيث تجلى ذلك من خلال رسائل التصعيد والتهديد والحرب النفسية التي يشنها على الإسرائيليين

ولفت إلى أن قاسم قد تحدث عن معادلة “إيلام العدو” التي بدأت بالتدرج، مشيراً إلى اعتماده على منهجية الغموض والارتباك التي تبقي العدو في حالة انتظار، وهو النهج المتبع من قبل نصر الله.

تحديات ومخاطر أمام نعيم قاسم ..

بالمحصلة؛ يأتي اعلان قيادة حزب الله عن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما للحزب خلفا لنصر الله في ضوء التهديدات الإسرائيلية بفرض حصار بري وجوي على لبنان، وتطبيق خطة الإفراغ والعزل، ومحاولاتها المستمرة لدخول لبنان برًا، وهنا تزداد تعقيدات الميدان أمام القيادة الجديدة، مما يجعلها أمام اختبار “صعب”.

وأمام نعيم قاسم مسؤوليات كبيرة سواء داخل الإطار التنظيمي للحزب أو خارجه، خاصة أن الحزب يمر الآن بمرحلة وصفت بأنها مصيرية والأكثر صعوبة؛ وهذا يعني أن قاسم أمام اختبارات معقدة وملفات صعبة، بالإضافة إلى التهديدات العلنية باغتياله.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version