نخبة بوست – خاص – محرر الشؤون السياسية

خصّ الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية د. إبراهيم العبادي “نخبة بوست” برصده ومتابعته للمسودة التي قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة الأمريكية للوصول إلى اتفاق لوقف الحرب في جنوب لبنان.

خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية د. إبراهيم العبادي
خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية د. إبراهيم العبادي

وبحسب العبادي؛ فإن مسودة اتفاق وقف إطلاق النار المسربة تحدد نقاطًا رئيسية ستطلب من حزب الله؛ وسيتعرض لضغوط للقبول بها؛ مع طلب إسرائيلي لضمانات التنفيذ هي:


وقف كامل للأعمال العدائية: يوقف الجانبان جميع الأعمال العدائية، مع احتفاظ كل منهما بحق الدفاع عن النفس.
الانتشار: ستعمل قوات اليونيفيل والجيش اللبناني فقط جنوب نهر الليطاني.
نزع سلاح حزب الله: لبنان مسؤول عن منع إعادة تسليح حزب الله، بما في ذلك منع دخول الأسلحة وتفكيك البنية الأساسية.
الوجود الإسرائيلي وانسحاب حزب الله: ستبقى إسرائيل في لبنان لمدة 60 يومًا بينما ينسحب حزب الله شمال خط الليطاني. ثم ستقوم إسرائيل بتقييم التقدم.
حل الصراع: إذا كانت إسرائيل راضية عن تقدم نزع السلاح، فإن الدولتين ستمضيان قدمًا في المحادثات لتنفيذ القرار 1701 بالكامل وحل النزاعات الحدودية.

آلية التحقق:

  • المراقبة من قبل الولايات المتحدة: ستتعامل آلية بقيادة الولايات المتحدة مع الانتهاكات في غضون إطار زمني معقول.
  • عواقب الانتهاكات: سيتم فرض عقوبات على الانتهاكات.
  • الحقوق العسكرية الإسرائيلية: يجوز لإسرائيل الرد عسكريًا على الانتهاكات غير المعالجة في مناطق معينة وستحتفظ بحقوقها في القيام برحلات استطلاعية فوق لبنان.

اتفاق وقف إطلاق النار قدم بتفاهمات أمريكية – إسرائيلية

وأوضح العبادي أن مسودة الاتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان لمدة ستين يومًا قدمتها إسرائيل بتفاهمات مباشرة مع الولايات المتحدة خلال زيارة المبعوث الأمريكي الأخيرة ولقاءاته مع جهات رسمية لبنانية، بما في ذلك الرئيس نبيه بري؛ ما يعني أن هذه البنود الواردة في المسودة جاءت نتاج تفاهمات أمريكية-إسرائيلية مع الجانب الرسمي في لبنان.

وحول موقف لبنان الرسمي من هذه البنود، يرى العبادي أن لبنان يؤيد معظم بنود الاتفاق باستثناء البند المتعلق بالسيطرة الجوية لإسرائيل خلال المرحلة الانتقالية المحددة بـ 60 يومًا. كما أن جميع الجهات داخل لبنان تؤيد التوصل إلى وقف إطلاق النار لتفادي المزيد من الدمار في الضاحية الجنوبية.

العبادي: موافقة لبنان على هذه البنود تأتي في إطار السعي لاحتواء ما يُعرف بأزمة “النزوح اللبناني” التي تشهد تفاقمًا ملحوظًا في بيروت وتؤثر بشكل سلبي، وهناك مؤشرات قد تؤدي إلى اندلاع حرب أهلية مستقبلية في حال استمرت هذه الأزمة

قبول حزب الله للاتفاق يعني تجريده من سلاحه

أما بخصوص موقف حزب الله من هذه البنود، أشار العبادي إلى أن الحزب لم يشارك في أي مفاوضات بشأن الاتفاق، ومعظم هذه البنود سبق أن رفضها.

وأوضح العبادي أن قبول حزب الله بهذا الاتفاق وتطبيقه يعني تجريده من سلاحه وحل جناحه العسكري نهائيًا، مع إجباره على الانتقال شمال نهر الليطاني، مما يثير قلق الجانب الرسمي في لبنان.

موافقة حزب الله على هذه البنود مرهونة بشكل مباشر بإيران، وإيران لن توافق عليها، باعتبار جنوب لبنان ساحة حرب متقدمة ضد إسرائيل بالنسبة لها، ولن تتخلى عنها بسهولة، كما أنها لن تقبل بسيطرة إسرائيلية في المنطقة

في المقابل، أشار العبادي إلى أنه في حال حدوث صفقات ومفاوضات أوسع بين إيران والولايات المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، والعقوبات الاقتصادية، وأموال إيران المحتجزة، فقد يكون لذلك تأثير على موقف إيران وقد يدفعها إلى التخلي عن حزب الله.

تحويل محور الحرب من شرق أوروبا إلى الشرق الأوسط

وفي السياق ذاته، قال العبادي إنه لا يمكن إغفال الدور الدولي المؤثر في المنطقة، خصوصًا الدور الروسي وسعي موسكو للحفاظ على مناطق نفوذها. وأوضح أن روسيا ما زالت تحاول نقل محور الصراع من شرق أوروبا إلى الشرق الأوسط لتحقيق مكاسب استراتيجية في أوكرانيا.

وأشار العبادي إلى أنه إذا كانت روسيا تسعى، بدعم إيراني وصيني، لتحويل محور الحرب نحو الشرق الأوسط، فإن هذا الموضوع يحتاج إلى تحليل معمق يمكن تناوله في موضع آخر.

الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم

ماذا يعني عدم موافقة حزب الله ؟

على صعيد متصل؛ أكد العبادي أنه في حال عدم موافقة حزب الله على هذا الاتفاق، فالسيناريو القادم سيكون استمرار الحرب، خصوصًا أن إسرائيل بدأت تستهدف مناطق في العمق اللبناني بدعوى وجود مستودعات للذخائر ونقاط لتهريب الوقود والأسلحة إلى حزب الله. وأشار إلى أن إسرائيل دمرت بالفعل معظم المواقع الحدودية بين سوريا ولبنان لمنع تهريب السلاح أو الوقود أو حتى الأموال إلى حزب الله.

طلب إسرائيل إخلاء مدينة بعلبك، التي يقطنها نحو مئة ألف نسمة، أثار قلق النظام الرسمي اللبناني، الذي بدأ يدعو بشكل مباشر إلى ضرورة تطبيق وقف إطلاق النار لمدة ستين يومًا لتجنب التصعيد

من جانبها، أكدت إسرائيل للجانب الأمريكي أنها لن تتنازل عن أي بند من بنود الاتفاق. ويرى العبادي أن هذا الوضع سيضع النظام الرسمي في لبنان أمام مسؤولية الضغط على الرئيس نبيه بري لمحاولة إقناع حزب الله بالموافقة على الاتفاق لتقليل حجم الدمار الناجم عن العمليات الإسرائيلية.

الاتفاق “مرهون” بموافقة حزب الله

تسعى إسرائيل الآن إلى تنفيذ استراتيجية تدميرية ممنهجة في جنوب لبنان، بهدف تحويله إلى “نموذج غزة 2″؛ وإذا تمكن النظام الرسمي اللبناني من الضغط على رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لحث حزب الله على قبول هذا الاتفاق، فقد يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار لمدة ستين يومًا.

إلا أن التقديرات الاستراتيجية تشير إلى أن حزب الله لن يوافق على هذه البنود للأسباب المذكورة سابقًا، ما يعني أن الحرب قد تستمر إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية.

وللاطلاع على مسودة الاتفاق التي أشرنا اليها ضمن هذا التقرير ” نخبة بوست” تنشرها كاملة:

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version