*الفاعوري: الضغوط على حماس وهم وسراب.. وقطر لم تطلب مغادرة الحركة

*شحادة: حماس أمام خيارات متعددة إذا غادرت قطر؛ وتسريبات دعم ترامب مجرد دعاية

*أبو نوار: الانسحاب القطري من اتفاقات غزة؛ ضغط دولي وحلول المؤقتة شراء للوقت

*الرداد: قرار خروج قادة حماس من قطر بضغط أميركي؛ والأردن له حسابات أمنية عميقة

نخبة بوست – شذى العودات

في تطور جديد قد يعيد تشكيل مسار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الصراع في غزة؛ كشف مصدر مطلع أن قطر قررت الانسحاب من دور الوساطة في محادثات وقف إطلاق النار بعد استمرار تعثر الوصول إلى حلول ملموسة بين حماس وإسرائيل.

وأوضح المصدر لرويترز أن قطر، التي لعبت دورًا رئيسيًا على مدى الأشهر الماضية في رعاية المفاوضات، خلصت إلى أن كلا الطرفين لم يبدِ استعدادًا صادقًا للعودة إلى طاولة المفاوضات، ما دفعها لاتخاذ هذا القرار الحاسم.

وأشار المسؤول إلى أن الدوحة كانت منذ اندلاع النزاع قد حذرت من أن دورها كوسيط يعتمد على التزام الطرفين بإيجاد حل حقيقي ينهي التصعيد المتواصل، وأضاف أن الحكومة القطرية رأت أن المكتب السياسي لحماس في الدوحة “لم يعد يؤدي الغرض منه” في هذه المرحلة، وأن وجوده قد يفقد أهميته إذا لم تتحقق بوادر حقيقية للتقدم في المحادثات.

هل يغيّر انسحاب قطر من الوساطة مسار حماس؟

وبحسب ما أفاد به المسؤول، فقد قامت قطر بإبلاغ حماس وإسرائيل والإدارة الأميركية بقرارها الانسحاب من الوساطة، مشددًا على أن هذه الخطوة جاءت بعد مراجعة متأنية للوضع الراهن وعقم الجهود المبذولة حتى الآن.

ومن المتوقع أن يؤثر هذا التطور على المسار الدبلوماسي بشكل كبير، إذ كانت قطر واحدة من الدول القليلة التي استطاعت الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع جميع الأطراف، ما قد يضع تحديات إضافية أمام الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.

الفاعوري: الضغوط على حماس وهم وسراب.. وقطر لم تطلب مغادرة الحركة

وفي هذا الصدد، قال الأمين العام للمنتدى العام للوسطية المهندس مروان الفاعوري، في تصريح خاص لـ “نخبة بوست”، إن الأخبار المتداولة حول تشكيل لجنة إدارية في قطاع غزة، تأتي في ظل انعقاد اجتماع في القاهرة بحضور قيادات من حركتي فتح وحماس؛ حيث تتزامن مع زيارة وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، إلى القاهرة لجولة جديدة من المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى.

وأوضح أن هذه التسريبات تأتي كجزء من الضغوط التي تُمارس على حركة حماس بهدف “التليين”، مشيرًا إلى أنها قد تخشى العزل، وأن مثل هذه الضغوط تشكل ما وصفه “بالوهم والسراب” الذي تسعى وراءه بعض الأطراف المعادية للمقاومة، ومن بينها أجهزة الاستخبارات الفلسطينية والموساد الإسرائيلي والقوى المناهضة للمقاومة في المنطقة.

وفيما يتعلق بموقف قطر، أشار الفاعوري إلى أن الدوحة لم تؤكد هذه الأخبار، مشددًا على أنه لو أرادت قطر أن تغادر حماس الساحة، لفعلت ذلك فورًا وبدون تردد.

قطر ما زالت تعتبر حماس القناة المعتمدة لدى المجتمع الدولي للتواصل بشأن ملف الرهائن وموضوع وقف إطلاق النار، حيث أن الحركة ما زالت الجهة الرئيسية التي تنسق معها دول المنطقة، بما في ذلك الأردن، لتسهيل وصول المساعدات إلى قطاع غزة؛ و الأخبار المتداولة حول هذا الأمر غير صحيحة

واختتم بالقول إنه لا يمكن أن يكون وقف إطلاق النار لصالح طرف واحد على حساب الآخر، مضيفًا أن أي اتفاق لإنهاء الحرب يجب أن يراعي مصالح الفلسطينيين ولا يكون على حساب حقوقهم لصالح الجانب الإسرائيلي.

شحادة: حماس أمام خيارات متعددة إذا غادرت قطر؛ وتسريبات دعم ترامب مجرد دعاية

ومن جهة أخرى قال الخبير في الجماعات والحركات الإسلامية مروان شحادة، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، إن حركة حماس قد تواجه ضغوطًا للمغادرة في حال صدور طلب رسمي من قطر، لكنه يؤكد أن هذا الطلب، حتى لو حدث، لا يعتبر نهاية المطاف، حيث تمتلك الحركة خيارات عديدة، مثل التوجه إلى لبنان أو تركيا.

وأوضح شحادة أنه اطلع على وثائق باللغة الإنجليزية تتعلق بهذا الموضوع، ويمكنه مشاركتها عند الطلب؛ مشيرًا إلى أن الأخبار التي نشرتها “سي إن إن” تدعي أن قطر طالبت حماس بمغادرة أراضيها وتوجهها إلى تركيا، ولكن هذا الخبر ينقصه التأكيد الرسمي من الجانب القطري.

العديد من الدول، مثل الجزائر، قد تكون مستعدة لاستضافة حماس إذا دعت الحاجة، مما يبرز أن لدى الحركة خيارات عديدة للانتقال إذا ما تغيرت الظروف السياسية المحيطة بها

وتابع قائلاً إن تداعيات مثل هذا الأمر على إسرائيل ستكون كبيرة؛ خاصة فيما يتعلق بقنوات الاتصال التي تعتمد عليها المنطقة في نقل المساعدات الإنسانية والمفاوضات، حيث قد تقرر حماس التوقف عن التعامل مع بعض الأطراف إذا استمرت الضغوط عليها.

وتناول شحادة الحديث حول الأسباب التي قد تكون وراء هذه التسريبات، مشيرًا إلى أنها قد تخدم أهدافًا سياسية لأطراف خارجية، وربما تتعلق بمحاولات دعم حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانتخابية، حيث يسعى ترامب للظهور بمظهر السياسي القادر على إيقاف الحروب، سواء في غزة أو لبنان، من أجل تعزيز صورته كبطل سياسي على الساحة الدولية.

هذا جزء من سياسة انتخابية تتضمن وعودًا مثل إنهاء النزاعات في غضون فترة قصيرة، وهو ما قد يرفع أسهم ترامب لدى الناخبين

وتطرق شحادة أن هناك تناقضًا في التصريحات الأميركية، حيث أعلن ترامب مؤخرًا دعمه لأوكرانيا وإرسال مستشارين وخبراء عسكريين للمساعدة في صيانة الأسلحة، مما يعكس أن التوجه السياسي للمؤسسات الحاكمة في الولايات المتحدة لا يعتمد على تصريحات الحملات الانتخابية وحدها، بل يسير وفق أهداف استراتيجية ثابتة.

هذا دليل على الاتجاه المؤسساتي الذي يحكم الإدارة الأميركية، حيث تتخذ القرارات بناءً على مصالح بعيدة المدى

واختتم شحادة حديثه بالإشارة إلى أن موضوع وقف إطلاق النار لا يبدو واردًا في هذه المرحلة، وأن هناك أطرافًا أكثر تشددًا داخل الإدارة الأميركية قد تفضل إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لمزيد من التصعيد، وهذا نابع من قلة الخبرة السياسية لبعض القيادات، والتي قد تؤثر سلبًا على العلاقات مع دول المنطقة، مثل إيران، وتتيح لإسرائيل التوسع في استخدام القوة دون قيود.

أبو نوار: الانسحاب القطري من اتفاقات غزة؛ ضغط دولي وحلول المؤقتة شراء للوقت

وفي نفس السياق، قال المحلل العسكري مأمون أبو نوار، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”،  إنه يرى في قرار قطر بالانسحاب من بعض الاتفاقات المتعلقة بغزة خطوة إيجابية؛ وقد تحذو مصر حذوها، حيث تبين أن هذه الاتفاقات لا تتسق مع أفضل الممارسات لتحقيق الاستقرار والسلام في غزة وحماية المدنيين.

وأوضح أبو نوار أن خبرات قطر السابقة، إلى جانب مصر، أظهرت أن هذه الاتفاقات السابقة كانت مؤقتة وهشة ولم تحقق الاستقرار المطلوب؛ مشيرًا إلى ضرورة وجود مظلة دولية تحت إشراف الأمم المتحدة، كما حدث في حالات مشابهة مثل البوسنة عام 1993، ورواندا، وكوسوفو، وليبيا، وذلك لحماية المدنيين.

قطر قد تكون استنتجت أن هذه المفاوضات الحالية لا تتماشى مع الواقع على الأرض، حيث يستمر القتل الجماعي، وأنه ربما أدركت أن هذه الاتفاقات ليست سوى وسيلة لشراء الوقت دون حلول سياسية جادة

وأشار إلى أن الحل السياسي الحقيقي معروف عالميًا ويتمثل في إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال، مؤكدًا أن هذه الحلول المؤقتة تمنح المجتمع الدولي فرصة للتهرب من مسؤولياته وتجنب الحلول الحقيقية، خاصة في ظل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، مثل العقاب الجماعي والإبادة الجماعية وتهجير السكان من شمال غزة.

إسرائيل تستخدم قوة غير متناسبة لتحقيق أهدافها، وأن هذه العمليات تتماشى تمامًا مع مفاهيم الاستعمار والتمييز العنصري، وتخالف حق الشعوب في تقرير مصيرها

وتطرق إلى أن إسرائيل تعشق المناطق العازلة والحصينة، ولن تتخلى عن غزة بسهولة، خاصة في ظل غياب رؤية واضحة حول ما سيحدث في اليوم التالي.

ودعا أبو نوار الدول العربية إلى التوجه للأمم المتحدة والمطالبة بتدخل إنساني دولي لوقف هذه الانتهاكات، مشيرًا إلى أن استمرار الوضع الحالي سيبقي الأمور على حالها.

قطر ربما قد أدركت أنها لا تستطيع ضمان عدم تجدد العدوان الإسرائيلي حتى لو تم التوصل إلى هدنة مؤقتة

وختم بالقول إن انسحاب قطر من بعض التفاهمات يأتي كخطوة ضرورية للضغط على المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته في إيجاد حل شامل لأزمة غزة.

الرداد: قرار خروج قادة حماس من قطر بضغط أميركي؛ والأردن له حسابات أمنية عميقة

ومن جهة أخرى، أوضح المحلل الإستراتيجي الدكتور عمر الرداد، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، أن القرار المتعلق بخروج قادة حماس من قطر كان لا يزال بحاجة لتأكيد أو نفي من القاهرة والدوحة، خاصة وأن المعلومات المتداولة حتى تلك اللحظة جاءت عبر مصادر إعلامية غربية.

ومع ذلك، أشار الرداد إلى أن صحة هذا القرار قد تكون ارتبطت بنتائج الانتخابات الأمريكية وفوز الرئيس دونالد ترامب، المعروف بتحالفه الوثيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وموقفه السلبي تجاه حماس وقطر وعلاقتهما بالإسلام السياسي، وخاصة حماس.

وأضاف أن الخطوة التي اتخذتها مصر وقطر جاءت بهدف الضغط على جناح حماس الخارجي، الذي كان قد رفض تسليم الرهائن الإسرائيليين إلا بشروط تتعارض مع نتائج الهجوم عليها، ولا تتماشى مع الهجمات الوحشية التي قامت بها إسرائيل في غزة والتي تجاوزت مجرد الاحتفاظ بالرهائن.

هذا الضغط قد يكون استهدف إجبار حماس على إبرام صفقة لتبادل الرهائن قبل تولي ترامب سلطاته بعد شهرين

وركز الرداد على أن التسريبات حول طلب قطر من قادة حماس مغادرة أراضيها كانت النقطة الأهم؛ مشيرًا إلى أن هذه المسألة أثيرت قبل أشهر، وقطر حينها بررت وجود قادة حماس على أراضيها بأنه جاء بطلب من المخابرات الأمريكية.

وبيّن أن الأمر بدا حينها أنه لم يعد مناورة سياسية للضغط على حماس، بل تحول إلى مطلب جدي من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، وقد كانت قطر على وشك الاستجابة له قريبًا.

وتساءل الرداد حول الوجهة المقبلة لقادة حماس؛ حيث توقع أن تكون الخيارات المطروحة حينها تركيا، العراق، أو اليمن، وسط تسريبات أفادت بأن الجزائر ودول أخرى أبدت عدم قدرتها على استضافة حماس.

هناك احتمالية عودة بعض قادة حماس إلى الأردن نظرًا لحملهم جوازات سفر أردنية، إلا أنه رجح أن هذا الاحتمال لم يكن مؤكدًا، خصوصًا في ظل التصعيد والتحريض الذي مارسه بعض قادة حماس ضد الأردن منذ السابع من أكتوبر

وفي ختام حديثه، أكد الرداد أن الأردن كانت لديه حسابات أمنية عميقة، حيث اعتبر ملف حماس وحلفائهم من جماعة الإخوان المسلمين من الملفات ذات الأولوية الأمنية بالدرجة الأولى.

خيارات حماس تضيق.. هل يغير خروجها من قطر موازين القوى الإقليمية؟

وفي ضوء هذه التطورات، يبدو أن خروج قادة حماس من قطر – في حال تأكيده – قد يخلق واقعًا سياسيًا جديدًا يضع الحركة أمام خيارات محدودة وتحديات معقدة.

فالضغوط الدولية والإقليمية؛ مدفوعة بعوامل سياسية وأمنية متشابكة، تشير إلى أن المرحلة القادمة قد تتطلب من حماس إعادة تقييم استراتيجياتها وأماكن وجودها، خاصة في ظل التوجهات الأميركية الجديدة التي قد تؤثر على طبيعة التحالفات في المنطقة.

 ويبقى السؤال الأبرز؛ إلى أي مدى ستصمد خيارات حماس المتاحة أمام هذه الضغوط، وكيف ستتعامل الأطراف الإقليمية مع هذا التغير المحتمل في موازين القوى؟

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version