نخبة بوست – كتب: د. هايل ودعان الدعجة

وجود كتلة جبهة العمل الإسلامي في مجلس النواب، وبالطريقة التي فازت بها بحصولها على عدد كبير من المقاعد النيابية وسط أجواء انتخابية نزيهة وشفافة، أظهر الفوارق التنظيمية الكبيرة بينها وبين بقية الأحزاب. وهذا سيسهم بالضرورة في ضبط أداء هذه الأحزاب، التي ينتمي معظمها إلى تيار الوسط، والتي فازت هي أيضاً، وإن بأرقام متواضعة، وفقاً لمعيار المنافسة الانتخابية الحقيقية، ممثلاً بعدد المقاعد التي حصلت عليها في القائمة الحزبية وليس المحلية.

وسيحفزها ذلك لتكون أكثر تنظيماً ومؤسسية، بحيث تبدأ التفكير في إقامة تحالفات وتفاهمات فيما بينها، بما يظهرها كأحزاب ذات فكر برامجي مؤسسي، قادر على الارتقاء بأدائها إلى مستوى متطلبات مرحلة التحديث ومخرجاتها. كما ستصبح قادرة على منافسة نواب الجبهة حزبياً وبرلمانياً، ما يساهم في تغيير النظرة التقليدية إليها كأحزاب لا تمتلك برامج وأفكاراً حقيقية، وإنما أحزاب يقودها أشخاص ونخب لا تملك من أمرها شيئاً.

الدعجة يكتب: "العمل الاسلامي" تدفع أحزاب الوسط إلى إقامة تحالفات نيابية
د. هايل ودعان الدعجة

وبذلك، تدخل هذه الأحزاب عالم العمل الحزبي البرلماني المؤسسي المنظم، الذي يمنحها القدرة على التعاطي المسؤول تشريعياً ورقابياً مع الملفات والقضايا الوطنية، مما يعكس امتلاكها إمكانات وقدرات ذاتية يمكن أن تقنع الشارع الأردني بأدائها.

ويبدو أن أولى إشارات تأثير التيار الإسلامي المنظم على أحزاب تيار الوسط في مجلس النواب قد بدأت مع ترشح النائب صالح العرموطي عن جبهة العمل الإسلامي لرئاسة المجلس، مما دفع الائتلاف الحزبي الذي يضم كتلة الميثاق الوطني وحزب تقدم واتحاد الأحزاب الوسطية، على سبيل المثال، إلى التوافق على ترشح النائب أحمد الصفدي لمنصب الرئيس، مع انسحاب شخصيات نيابية من حزبه لصالحه، كانت قد أعلنت نيتها الترشح لهذا الموقع، وذلك بعد توافق هذه الكتل على خوض انتخابات المكتب الدائم بشكل موحد.

وينطبق هذا أيضاً على موقف حزبَي إرادة والوطني الإسلامي، كما عكسه الاجتماع التنسيقي الذي عُقد بينهما (مع احتمالية انضمام أحزاب أخرى) لتوحيد الجهد الحزبي داخل البرلمان وتنظيمه، وربما التفكير في المنافسة على رئاسة المجلس. وقد تتجه جهود أحزاب تيار الوسط مجتمعة إلى أبعد من ذلك، بحيث تسفر عن تحالف وتوافق فيما بينها على اسم مرشح واحد لتعزيز حضورها الحزبي البرلماني المؤسسي تحت القبة، وفي ملفات أخرى، مثل الثقة بالحكومة، ومشروع الموازنة، والقوانين والتشريعات المختلفة التي تُعرض على المجلس لإقرارها.

وهذا يدفعنا إلى القول أو الافتراض بوجود تأثير لنواب الجبهة، وبشكل غير مباشر، على الكتل الحزبية النيابية، كأحزاب تيار الوسط ذات الرؤى والأفكار والطروحات المتقاربة والمتشابهة، ما يحفزها ويدفعها إلى الدخول في تحالفات وتوافقات وتفاهمات من شأنها إنضاج أدائها النيابي وتفعيله، والارتقاء به إلى مستوى الأداء البرامجي المؤسسي، بما يتماشى مع أهداف منظومة التحديث، ويعزز النهج الديمقراطي الإصلاحي في الأردن

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version