*حمزاوي: لم نعد نتحدث عن هيمنة أميركية في المنطق؛ بل إسرائيلية
*المعشر: فريق ترامب الحالي أسوأ من السابق؛ وهو فريق تلمودي
نخبة بوست – شذى العودات
عقد معهد السياسة والمجتمع بالتعاون مع مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي – برنامج الشرق الأوسط، جلسة نقاشية اليوم بعنوان “ترامب والشرق الأوسط: ماذا ننتظر”، تناولت القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة في ظل السياسات الأمريكية الراهنة والمتغيرات الإقليمية المتسارعة.
وكان المتحدثون في الجلسة كلاً من وزير الخارجية الأسبق د. مروان المعشر، ومدير برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي د. عمرو حمزاوي؛ وبحضور نخبة من الخبراء والباحثين والأكاديميين.
وركزت النقاشات على استشراف مستقبل المنطقة مع اقتراب العام الجديد، في ظل التحولات الكبيرة التي طرأت منذ تولي إدارة ترامب الحالية زمام الأمور.
وتناولت الجلسة تساؤلات جوهرية حول المسار الذي قد تتخذه المنطقة في ظل التوترات الراهنة، ما بين احتمالات التسويات السياسية أو التصعيد نحو توترات أكبر وربما حروب إقليمية واسعة.
كما ناقش المشاركون رؤية إدارة ترامب وفريقه للملفات الأكثر سخونة في المنطقة، بما في ذلك القضية الفلسطينية ومستقبل الضفة الغربية، الوضع في لبنان، السياسات تجاه إيران، وعلاقات الولايات المتحدة مع دول الخليج.
وتطرقت النقاشات أيضًا على التحديات التي يواجهها الأردن في ظل هذه التحولات، سواء على صعيد تداعيات الوضع الفلسطيني أو الدور الإقليمي الذي يلعبه الأردن في المرحلة المقبلة.
وخرجت الجلسة بمجموعة من الأفكار والتحليلات التي تسلط الضوء على أهمية تبني سياسات دبلوماسية فاعلة وخطط وطنية لمواجهة التحديات الإقليمية وضمان الاستقرار الداخلي.
حمزاوي: إسرائيل هي الفاعل الأساسي في المنطقة وتوجهات إدارة ترامب ستزيد الضغط على إيران وحلفائها
وفي هذا الصدد، أكد مدير برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي، د. عمرو حمزاوي، خلال الجلسة ، أن التطورات الحالية في المنطقة، منذ السابع من أكتوبر، أظهرت تحول إسرائيل إلى الفاعل الأساسي في المشهد الإقليمي.
وأوضح حمزاوي أن عام 2025 سيشهد استمرار الحروب والصراعات المسلحة في المنطقة؛ مضيفاً بأننا الآن لم نعد نتحدث عن هيمنة أمريكية، بل عن هيمنة إسرائيلية، خصوصًا أن إسرائيل أصبحت الفاعل الأول في المنطقة، ولن يتغير ذلك مع إدارة ترامب.
وعن إدارة ترامب ونهجها الإقليمي؛ أشار إلى أن إدارة ترامب يمكن أن تتحرك عالميًا نحو تسويات، نظرًا لأن ترامب “لا يحب الحروب”، إلا أن سياسته في المنطقة قد تكون متشددة، خاصة تجاه إيران.
كما لفت إلى أن إدارة ترامب قد تدفع باتجاه صياغة كيان فلسطيني دون أي حقوق للشعب الفلسطيني، ما يعكس توجهًا لتصفية القضية الفلسطينية؛ قائلاً بأننا لن نشهد وقف إطلاق دائم للنار في لبنان، بل تصعيدًا يدعم الأجندة الإسرائيلية.
وعن التحديات العربية ودور القوى الدولية؛ لفت إلى أن العالم العربي يواجه تحديات كبرى في ضبط الإيقاع الإقليمي؛ مضيفاً بأن الخليج سيتصرف بناءً على مصالحه، بينما تبقى مصر والأردن الطرفين الأكثر أهمية، رغم أن لكل منهما هواجسه ومخاوفه، وأن الدول المغاربية، مثل تونس والجزائر والمغرب، لم تشتبك بالصراعات الإقليمية منذ فترة طويلة.
وبحسب تحليل حمزاوي بخصوص دور الصين وروسيا في المنطقة؛ أشار إلى أن الصين تتحرك في المنطقة لتعميق مصالحها الاقتصادية والدبلوماسية دون الانخراط في الصراعات السياسية.
وشدّد على أن الصين تركز على ضمان مصالحها التجارية، بينما تتحرك روسيا بشكل استراتيجي لإزعاج الإدارة الأمريكية، لكنها لم تحقق استفادة كبيرة من تدخلها في المنطقة”.
إعادة ترتيب المنطقة
واختتم حمزاوي حديثه بالإشارة إلى أن المنطقة تشهد وضعًا صعبًا جدًا؛ مؤكداً على أن إعادة ترتيب المنطقة بالصورة التي يتحدث عنها نتنياهو هدفها إنهاء الصراع وعلى الأردن ومصر العمل معاً على إدار ة الصراع، بما لا يسمح بتصفية القضية الفلسطينية، ولكن الخطر الوجودي لا يهدد مصر مباشرة، رغم وجود تحديات في مناطق أخرى، بقدر ما إنّ التهديدات المحتملة للأردن من إدارة ترامب وتطورات القضية الفلسطينية يشكل تهديداً اكبر بكثير.
المعشر: الأردن بحاجة لخطة واضحة ودبلوماسية فاعلة للتعامل مع المرحلة القادمة
وفي نفس السياق ، أكد وزير الخارجية الأسبق د. مروان المعشر على أن الأردن يواجه تحديات كبيرة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، مشددًا على ضرورة تبني خطة واضحة ودبلوماسية رفيعة المستوى لمواجهة المرحلة القادمة.
وأشار المعشر إلى أن الأردن بحاجة ماسة إلى التحرك بخطة مدروسة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، تتضمن عدة عناصر أساسية لضمان حماية المصالح الوطنية وتعزيز الدور الإقليمي.
أولًا: تجاوز الخلافات الداخلية
شدد المعشر على ضرورة توحيد الجبهة الداخلية للأردن، معتبرًا أن المرحلة الحالية لا تحتمل استمرار الانقسامات. وأكد أن الأردن بحاجة إلى تجاوز التصنيفات السياسية والطائفية، والابتعاد عن الحديث عن إسلاميين وعبرانيين، أو محافظين وليبراليين، أو حتى مسلمين ومسيحيين.
وأشار إلى أهمية توجيه الدعوة لحركتي حماس وفتح من أجل تحقيق الوحدة الفلسطينية، مما يعزز الموقف العربي في مواجهة التحديات المشتركة.
ثانيًا: استثمار العلاقات مع الولايات المتحدة
وأكد المعشر على أهمية تكثيف الجهود الدبلوماسية الأردنية في واشنطن، مشيرًا إلى ضرورة استمرار التواصل اليومي مع كافة الأطراف الأمريكية، سواء كانوا من أصدقاء الأردن أو حتى من معارضيه. وأوضح أن الأردن استثمر كثيرًا في بناء علاقات قوية مع كلا الحزبين الأمريكيين، وحان الوقت الآن لاستخدام هذا الاستثمار لخدمة المصالح الوطنية.
ولفت إلى أهمية دعم دور السفارة الأردنية في واشنطن لتفعيل هذا التواصل. كما أشار إلى خطورة الحديث عن ضم الضفة الغربية، موضحًا أن هذا الضم يهدف إلى السيطرة على الأرض دون السكان، مما يعني تهجير الفلسطينيين، وهو ما يتطلب تحركًا دبلوماسيًا قويًا لمواجهته.
ثالثًا: تعزيز الموقف العربي
وأوضح المعشر أن الأردن بحاجة إلى العمل على توحيد الموقف العربي لمواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية.
وبيّن بأن الحديث مع السعودية أمر ضروري، كون صوتها مسموعًا ومؤثرًا في الإدارة الأمريكية؛ مشيراً بأن السعودية تدرك أن ضم الضفة الغربية لن يخدم القضية الفلسطينية، مما يتيح للأردن فرصة لاستغلال هذا التفاهم لتعزيز موقفه في المحافل الدولية.
رابعًا: إطلاق حوار وطني
ودعا المعشر إلى إطلاق حوار داخلي شامل على غرار لجنة الميثاق الوطني التي انعقدت في ظروف عصيبة سابقًا.
واعتبر أن التجارب السابقة في عام 1989 قد أثبتت أهمية الحوار الوطني في تعزيز الوحدة الوطنية ومواجهة التحديات بفعالية.
وفي سياق حديثه؛ شدّد على أن هذه الخطوات تمثل الأساس لتحرك الأردن نحو حماية مصالحه الوطنية والإقليمية، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة.
وأكد أن التحديات الحالية تتطلب تحركًا مدروسًا بعيدًا عن الشعبوية والعنترية، مشيراً إلى أنه لا يمكن بناء السياسة على الأمنيات؛ من يعتقد أن ترامب سيتغير مخطئ، فلو أراد ذلك لجلب إدارة أفضل.
وبيّن بأن أهمية الدور السعوديسكمن بأن السعودية تحتاج لحل القضية الفلسطينية لتتمكن من تعزيز سياستها مع الولايات المتحدة؛ إسرائيل لا تساعد السعودية في هذا الاتجاه، وهناك فرصة للأردن للتواصل مع الجانب السعودي لتحقيق المصالح المشتركة.
واختتم المعشر بأن الأردن بحاجة لتوحيد الصفوف داخليًا، وتعزيز الجهود الدبلوماسية خارجيًا، خصوصًا في واشنطن والرياض، مع التركيز على الحوار الوطني لتحقيق مصالحه وحماية القضية الفلسطينية من أي تصفية.