*أبو رمان: الاتفاق يعيد رسم معادلات الساحة اللبنانية والإقليمية

*البراري: الاتفاق يعيد صياغة موازين القوى الإقليمية

نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية

يشهد اتفاق الهدنة في لبنان تحديات متزايدة في ظل الخروقات المستمرة، وفقاً لما تم رصده ضمن حلقة برنامج نبض البلد، مما يثير تساؤلات حول قدرته على الصمود وسط تعقيدات المشهد الإقليمي والضغوط المتزايدة على الأطراف المعنية؛ ومع استمرار هذه الخروقات، يبقى التساؤل مطروحاً حول مدى إمكانية الحفاظ على الاستقرار وضمان الالتزام ببنود الاتفاق.

أبو رمان: الاتفاق يعيد رسم معادلات الساحة اللبنانية والإقليمية

وفي هذا الصدد، أكد أستاذ العلوم السياسية، الدكتور محمد أبو رمان، أن الاتفاق الأخير بين إسرائيل وحزب الله كان متوقعاً منذ فترة، مشيراً إلى أن الفصل بين الساحتين اللبنانية والفلسطينية كان من استراتيجيات إسرائيل منذ البداية.

وأوضح أن استمرار حالة التشتت بين مؤسسات الدولة لم يعد مقبولاً، مشيراً إلى أن التصريحات التي أعقبت الاتفاق تؤكد أن لبنان كدولة هو المنتصر الأول.

اللبنانيين يشعرون بارتياح كبير إزاء الاتفاق، خاصة وأن الكلفة كانت ستكون عالية جداً في حال استمرت المواجهة

وأضاف أبو رمان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان من أبرز الدوافع وراء هذه الهدنة، حيث تسعى إسرائيل للتفرغ لمواجهة حركة حماس في غزة،.

استمرار الاتفاق في الساحة اللبنانية يثير العديد من التساؤلات والشكوك

وأوضح أنه إذا استمر الاتفاق، فإن حزب الله سيواجه تحديات كبيرة على صعيدين: الأول داخلي يتعلق بالوضع اللبناني، والثاني يتعلق بإعادة تكريس الفصل بين الساحات الفلسطينية واللبنانية بدلاً من توحيدها كما يدّعي الحزب.

الأسئلة حول المرحلة المقبلة

وأشار أبو رمان إلى وجود أسئلة كبيرة حول سلوك حزب الله خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل اللقاءات الجانبية التي عقدها رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري. وتساءل: “هل نحن أمام صراع داخلي لبناني جديد؟“.

كما لفت إلى أن هناك حديثاً عن تجديد اتفاق الطائف، خاصة بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني للبنان وربط اختيار رئيس الجمهورية بوقف إطلاق النار.

التحدي الأكبر المقبل هو غزة، فهناك تساؤلات حول مدى قدرة إسرائيل على تنفيذ أجندة اليمين المتطرف التي تهدف إلى إنهاء وجود حماس في غزة، وامتداد هذا التصعيد إلى الضفة الغربية

وأشار أبو رمان إلى محاولات إيران لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، مستغلة الاتفاق مع السعودية لتعزيز دورها الإقليمي. لكنه شدد على أن إيران لن تضحي بمكتسباتها في العراق أو المنطقة، في ظل سعيها لتعزيز رأس المال السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط.

إسرائيل تسعى لجعل حماس ترفع راية الاستسلام، ولكن قضية الأسرى ما زالت تعرقل أي تقدم حقيقي في التهدئة

وتطرق أبو رمان إلى أن خطاب نتنياهو الأخير يشير إلى محاولة تحييد حزب الله عن المواجهة الحالية. كما أوضح أن روسيا لعبت دوراً في الطلب من الرئيس بشار الأسد عدم التدخل في الحرب، وهو ما أثار انزعاج إيران، التي أرسلت رسائل تعبر عن استيائها.

وتساءل أبو رمان: “هل سيبقى حزب الله متفرجاً على ما يحدث في غزة، خاصة أنه تم تقييده ضمن هذا الاتفاق؟“.

الإدارة الأمريكية الحالية لن تسمح لإسرائيل باتخاذ قرارات منفردة في المنطقة

السيناريوهات المستقبلية

وحول الوضع الفلسطيني، أوضح أبو رمان أن إسرائيل تسعى إلى التخلص من وجود حماس في غزة والضفة الغربية، مع تعزيز السيطرة على الأراضي الفلسطينية من خلال الاستيطان. لكنه أشار إلى أن إسرائيل تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في التعامل مع التغيرات الديموغرافية الفلسطينية، خاصة بعد تدمير البنية التحتية في قطاع غزة بشكل واسع.

وشدد على أن الأردن يراهن على حدوث مفاجآت في السياسة الأمريكية، لكنه أعرب عن مخاوفه من أن فريق ترامب الجديد هو أسوأ من الفريق السابق، خاصة مع وعد ترامب بتوسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة.

البراري: الاتفاق يعيد صياغة موازين القوى الإقليمية

ومن جهته، أكد أستاذ الدراسات الدولية، الدكتور حسن البراري، أن الاتفاق الأخير بين لبنان وإسرائيل يمثل انتصاراً كبيراً للدولة اللبنانية، وليس لحزب معين، حيث تمكنت الدولة اللبنانية من استعادة سيطرتها على الجنوب، وهو تطور لافت يعزز من مكانة الدولة.

إسرائيل نجحت في تحقيق هدفها بالفصل بين مسار غزة والجبهة الشمالية، حيث كان حزب الله يصرح بأن الحرب لن تتوقف إلا بتوقف العمليات في غزة، وهو ما لم يتحقق. ورأى أن هذا الفصل يمثل إنجازاً استراتيجياً لإسرائيل

وأشار البراري إلى أن هناك تحديات لوجستية وسياسية تواجه إسرائيل، منها إعادة السكان إلى المناطق الشمالية المتضررة، حيث أظهرت الأحداث أن إسرائيل ليست جاهزة بشكل كامل للتعامل مع هذه الملفات.

الاتفاق تضمن 13 بنداً، إلا أن تطبيق هذه البنود يواجه صعوبات على أرض الواقع، خاصة مع التحديات الأمنية والسياسية المرتبطة بحزب الله

كما أشار إلى أن ترسانة حزب الله تعرضت لضربات كبيرة، وأن الحوثيين باتوا خارج اللعبة، مما يعيد تشكيل التوازنات الإقليمية. أما بالنسبة لسوريا، فقد أكد على وجود بند في الاتفاق يتعلق بمنع تهريب الأسلحة، مما يضع النظام السوري في موقف صعب، مع استمرار الضغط الإسرائيلي على نقاط مفصلية تتعلق بالملف الإيراني والسوري.

وفيما يتعلق بالملف السوري، أشار البراري إلى ما أسماه “المتلازمة السورية”، موضحاً أن إسرائيل اعتادت مهاجمة سوريا في مسائل تتعلق بالأسلحة الإيرانية وتهريبها.

الوضع في سوريا هو أمني بامتياز، مع ضرورة إبقاء النظام السوري ضعيفاً لضمان مصالح إسرائيل

أما بالنسبة لإيران، فقد وصف البراري الوضع بأنه أكثر تعقيداً، حيث يتعلق الأمر بالشق المرتبط بأذرع إيران في المنطقة وما يمكن أن تقدمه من تنازلات. وأشار إلى أن الخطاب الإيراني يحمل رسائل متناقضة، تتحدث باللغتين العبرية والإنجليزية، مما يعكس سعي إيران للحصول على دور في المعادلة الإقليمية.

وأضاف أن هناك تقارير تشير إلى لقاء مسؤولين إيرانيين بشخصيات دولية بارزة، مثل إيلون ماسك، وهو ما يبرز جدية إيران في محاولة التوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل والولايات المتحدة.

الملف الفلسطيني وتحديات إسرائيل

وحول الملف الفلسطيني، أوضح البراري أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطاً كبيرة، حيث يتبجح بنجاحاته ولكنه يدرك أن نهاية الحرب في غزة ستعرضه لانتقادات دولية واسعة.

محور “فيلادلفيا” ووضع القوات الإسرائيلية في القطاع يثيران العديد من التساؤلات، مشيراً إلى أن الوضع السياسي لنتنياهو بات مأزوماً بعد صدور مذكرة توقيف بحقه

وتابع البراري بأن إسرائيل لا تمتلك استراتيجية واضحة لليوم التالي للحرب، مما يعكس التخبط والانقسامات داخل النظام السياسي الإسرائيلي. ولفت إلى أن الوضع في الضفة الغربية يتجه نحو أزمة حتمية قد تنفجر في أي لحظة.

الموقف الأردني

وفيما يتعلق بالموقف الأردني، أشار البراري إلى وجود انقسام واضح في الشارع الأردني حول كيفية التعامل مع هذه التطورات، مشدداً على أهمية حماية المصالح الأردنية ودعم الفلسطينيين بعيداً عن العواطف، مع التركيز على خطوات عملية تسهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة.

وختم البراري حديثه بالتأكيد على أن التحديات الإقليمية تتطلب قراءة معمقة ودقيقة للوضع، مع أخذ جميع السيناريوهات المحتملة في الحسبان.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version