نخبة بوست -صرح خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية، الدكتور إبراهيم عيسى العبادي، في تصريح خاص لـ “نخبة بوست“، قائلاً إن دخول اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وبعد مطالعة بنوده، يعتبر اتفاقًا معقد التنفيذ “وهشًّا” لن يصمد طويلاً، وعودة الحرب في أي لحظة، والسيناريوهات؛ مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق إما سيكون بداية لحرب أوسع قادمة أو أنه سيضمن أمن إسرائيل للأبد لأنه سيكون مقدمة للانتهاء التدريجي لحزب الله.

وتابع العبادي حديثه بالتطرق إلى خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو حول الاتفاق: “أركز على التهديد الإيراني ولن أفصح عن تفاصيل بشأن ذلك“. و”هناك ثلاثة أسباب لوقف إطلاق النار – التركيز على التهديد الإيراني، وتجديد التسلح الذي سيتم قريبًا، وقطع الاتصال بين الساحتين اللبنانية والغزاوية“. “سيتم الحفاظ على حرية العمل العسكري. وإذا انتهك حزب الله الاتفاق، سنهاجم“؛ موضحًا أن حديث نتنياهو هذا هو إعلان حرب وليس اتفاق وقف إطلاق النار.

خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية د. إبراهيم العبادي
خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية د. إبراهيم العبادي

وأضاف العبادي بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقع على اتفاق وقف إطلاق النار، بعد تحذيرات أميركية بسحب وسيطها آموس هوكشتاين من المفاوضات، وبعد تحذير فرنسي بأنها ستطبق قرار المحكمة الدولية بخصوص مذكرة الاعتقال لنتنياهو وغالانت على أراضيها.

اليوم، تل أبيب ستستأنف على مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت أمام المحكمة الدولية، وسيتم دعم الاستئناف فرنسيًا وأوروبيًا، وبذلك منح رئيس الوزراء الإسرائيلي حصانة جاءت مقابل الوصول إلى اتفاق لبنان.

الاتفاق أطلق بعضهم عليه صفة اتفاق “إذعان“، و أسقط شعار توازن الردع ووحدة الساحات وجبهات الإسناد

خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية، الدكتور إبراهيم عيسى العبادي

وأفاد العبادي بأن هذا الاتفاق، والذي أطلق بعضهم عليه صفة اتفاق “إذعان”، أسقط شعار توازن الردع ووحدة الساحات وجبهات الإسناد؛ لأنه جاء على نتائج كارثية لدى حزب الله تتمثل في أكثر من أربعة آلاف قتيل، وأكثر من عشرة آلاف جريح، وأكثر من مليون ونصف نازح، وأكثر من عشرين مليار دولار خسائر، واغتيال الصف الأول والثاني في الحزب، وعشرات الأسرى من عناصر حزب الله، ونسف مئات الأنفاق ومخازن الأسلحة، وتدمير أكثر من ٧٠ ألف وحدة سكنية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.

الاتفاق “هش” ليس اتفاقًا نهائيًا بل تجربة للطرفين، وهل سيلتزمان بتنفيذ القرار 1701، وهو معرض للانهيار عند أول تجربة

خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية، الدكتور إبراهيم عيسى العبادي
رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نيتنياهو

وتابع العبادي حديثه بأنه بعد سريان اتفاق وقف النار، ما زال الجيش الإسرائيلي يفرض حظر تجوال في جنوب لبنان ويحظر تنقل المدنيين من شمال نهر الليطاني إلى القرى الحدودية، ويؤكد اعتقال أربعة لبنانيين اقتربوا من مناطق في الجنوب، علمًا بأن الجيش الإسرائيلي لا يزال منتشرًا ولم يسحب أي جندي من جنوب لبنان حتى الآن متذرعًا بأن لديه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار 60 يومًا للقيام بذلك.

المؤشرات الاستراتيجية للاتفاق..

وأشار العبادي إلى أهم المؤشرات الاستراتيجية للاتفاق التي يجب أن تتخذ بمنتهى الجدية والموضوعية:

أولاً: إقرار الهدنة في لبنان يفاقم الضغوط في غزة على حماس، ويُسبب انتهاء مسألة “وحدة الساحات” التي كانت تشكل تحديًا لإسرائيل.

ثانيًا: على أثر اتفاق الهدنة، حصلت إسرائيل على دعم عسكري من إدارة بايدن بقيمة 680 مليون دولار، حيث شملت صفقة الأسلحة الآلاف من الذخائر الهجومية المزودة بأنظمة توجيه ومئات القنابل الصغيرة. وهذا أحد الأسباب التي تحدث عنها نتنياهو للتوقيع على الهدنة.

ثالثًا: تم بموجب هذا الاتفاق تحييد حزب الله، وأن إسرائيل ستشعل جبهة سوريا تحديدًا. ونلاحظ أن إعلان الحرب في سوريا تم بعد ساعات من تحذير نتنياهو لبشار الأسد بأنه يلعب بالنار. بدأت سوريا تشتعل من جديد بعد ساعات من الاتفاق على وقف إطلاق النار في لبنان. وعندما تهاجم إسرائيل غزة وسوريا… لن يكون هناك تدخل من لبنان، علمًا بأن الهجوم الإسرائيلي على سوريا سيكون على قيادات حزب الله. حيث إن الهدنة في لبنان فقط وجبهة الإسناد انقطعت. فهل سيتمكن حزب الله في لبنان من الالتزام ببنود الهدنة في ظل هذه الأوضاع في سوريا تحديدًا؟

رابعًا: الجيش اللبناني يبدأ التنسيق مع “اليونيفيل” لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ويطالب النازحين بالتريث في العودة إلى مناطقهم في الجنوب، حيث لا تزال المؤشرات تدل على أن ساحة العمليات العسكرية لم تتوقف بعد وعودة الحرب في أي لحظة. حيث تؤكد كل التقديرات أن حزب الله لن يتمكن من تنفيذ كافة بنود الاتفاق الذي قد يجبره على انتهاء دوره العسكري في حال التنفيذ.

خامسًا: هذا الاتفاق لم يتضمن الإشارة بأي شكل إلى أسرى حزب الله لدى إسرائيل، ومن بينهم قياديون من حزب الله، الأمر الذي يثير سيناريو أخطر من احتمال قيام حزب الله باختطاف جنود إسرائيليين من الجنود المنتشرين في مناطق الجنوب للتفاوض على إطلاق أسرى حزب الله لدى إسرائيل. هذا السيناريو الأخطر الذي سيدفع باتجاه انهيار الاتفاق والعودة إلى الحرب مرة أخرى، وربما ستكون بداية لحرب أوسع في لبنان.

الخلاصة: الاتفاق معقد وهش، وستعود الحرب في أي لحظة بين الطرفين

وختم العبادي حديثه بالقول إن هذا الاتفاق معقد وهش ولن يصمد طويلاً وسينهار من أول تجربة بين الطرفين، وستعود الحرب في أي لحظة. نحن أمام تغير استراتيجي وعسكري سيكون له أثر على المنطقة كاملة سواء تم الالتزام من الطرفين بتنفيذ الاتفاق أم انهيار الاتفاق والعودة إلى الحرب مرة أخرى.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version