نخبة بوست – محرر الشؤون المحلية
ما إن أعلنت وزارة التربية والتعليم عن النظام الجديد لامتحانات الثانوية العامة (التوجيهي)، الذي سيبدأ تطبيقه على طلاب الصف الحادي عشر اعتبارًا من العام الدراسي 2024/2025، حتى تزايدت التساؤلات حول مدى نجاحه وقدرته على تحقيق الأهداف المرجوة منه.
ويتميز النظام الجديد بتوزيع الامتحانات على عامين دراسيين، حيث يتم تقسيم امتحانات التوجيهي بين الصفين الحادي عشر والثاني عشر. كما يتيح النظام تقسيم المواد الدراسية إلى حقول متعددة (صحي، هندسي، لغات وعلوم اجتماعية، القانون والشريعة، الأعمال، العلوم والتكنولوجيا)، بحيث يتم تخصيص مواد إجبارية واختيارية لكل حقل.
عواد: النظام يوفر للطالب مرونة أكبر في التقدم للامتحانات الوزارية
وتعليقًا على هذا النظام الجديد، أشار مؤسس موقع الأوائل التعليمي، حسام عواد، إلى أن هذا النظام يحمل العديد من الإيجابيات بشكل عام. من أبرز هذه الإيجابيات:
إتاحة الفرصة للطالب للتفكير المبكر في خيارات التعليم الجامعي أو التدريب المهني، إذ يبدأ في اتخاذ قراراته المتعلقة بذلك منذ الصف التاسع، مرورًا بالصف العاشر، ويواصل بناء هذا القرار بشكل مستمر حتى يصل إلى مرحلة تحديد مساره الأكاديمي أو المهني في الصف الثاني الثانوي.
زيادة مرونة الطالب في التقدم للامتحانات الوزارية، حيث لم يعد مصير الطالب محصورًا في شهر الامتحانات فقط، بل أصبحت لديه عدة فرص متتابعة على مدار عامين.
بيد أنه أصبح الآن على الطالب اختيار المسار الأكاديمي أو المهني منذ الصف التاسع، وبالتالي يتعين عليه الالتحاق بالمرحلة الثانوية وفقًا لنظام المسار المهني أو الأكاديمي، ثم متابعة المسار الذي يتناسب مع ميوله وقدراته.
وأضاف عواد أنه في الصف الثاني الثانوي، يتخذ الطالب قراراته بشكل مبكر، كما يتم توزيع المواد الدراسية على مدار عامين بدلاً من أن يتقدم الطالب لامتحانات جميع المواد في سنة واحدة.
رغم إيجابيات النظام، إلا أنه يحمل مآخذ ..
في المقابل، أشار عواد إلى أن هناك ملاحظات على النظام تتعلق بتقسيم المواد إلى مواد امتحان مدرسي ومواد امتحان وزاري، وهو ما قد يؤدي إلى تركيز الطلاب فقط على المواد ذات الامتحان الوزاري، مما يجعلهم يهملون المواد التي تتطلب امتحانًا مدرسيًا.
وأكد عواد أن إهمال الطالب لمادة ذات امتحان مدرسي قد يؤدي إلى فوضى صفية وتحديات أكبر في إدارة الصف على صعيد الانضباط المدرسي. وأوضح أن هذه التحديات تظهر بوضوح في غالبية الفصول الدراسية في القطاعين الحكومي والخاص، حيث يواجه المعلمون صعوبات في الحفاظ على الانضباط، خصوصًا وأن الطلاب يشتكون من المواد التي لا تحتوي على امتحان وزاري، ويتساءلون عن جدوى دراستها إذا لم تكن لها نتائج وزارية.
وبذلك، بدأ الطلاب يصنفون المواد بناءً على وجود امتحان وزاري أو عدمه. فإذا كانت المادة تحتوي على امتحان وزاري، فإنهم يهتمون بها، أما إذا كانت مادة امتحانها مدرسيًا فقط، فإنهم يهملونها. وهذا التصنيف يؤثر سلبًا على نفسية الطالب، حيث يشعر بأن المواد التي ليس لها امتحان وزاري لا تستحق الاهتمام، مما ينعكس على تفاعله مع باقي المواد الدراسية.
وقال عواد إن النظام الحالي يتطلب من الطلاب في الصف الثاني الثانوي دراسة مواد محددة في مساراتهم التعليمية، مثل المسار الصحي الذي يفرض عليهم دراسة مواد مثل الكيمياء، الأحياء، الإنجليزية المتقدمة، بالإضافة إلى مادة اختيارية. وفي هذا السياق، يتقدم الطلاب لامتحانات وزارية لأربع مواد. لكن الوزارة تطلب أيضًا من الطلاب دراسة مواد ذات امتحانات مدرسية، مثل مادة الحاسوب في الفرع العلمي، مما يجعل الطلاب غير مهتمين بهذه المواد، لأنها لا تؤثر مباشرة على معدلاتهم أو فرص قبولهم في الجامعات.
كما نوه عواد إلى ملاحظة ثانية تتعلق بالنظام الجديد، حيث بدأ العديد من المعلمين ذوي الخبرة والكفاءة بالاستقالة أو التذمر بسبب قلة تفاعل الطلاب مع المواد التي لا تملك امتحانات وزارية.
وأشار عواد إلى أن الطلبة الذين يدرسون في المسار الصحي، على سبيل المثال، يفضلون هذا المسار ليس بسبب اهتمامهم بالمجال الطبي، بل هروبًا من دراسة الرياضيات والفيزياء. وهذا أدى إلى أن الطلاب بدأوا يختارون المسارات الأسهل بدلًا من متابعة ميولهم الحقيقية.
وفيما يتعلق بالاقتراحات، أشار عواد إلى ضرورة جعل جميع المواد ذات امتحانات “وزارية” حتى يتمكن الطلاب من الاهتمام بجميع المواد بشكل متساوٍ. وإذا كانت الوزارة لا ترغب في إجراء امتحانات وزارية في بعض المواد، مثل الرياضيات والعلوم في الصف الأول الثانوي، فيمكن استبدالها بنظام الامتحانات بنظام “ناجح/راسب” لضمان اهتمام الطلاب بهذه المواد.
أما بالنسبة للصف الثاني الثانوي، فقد طالب عواد بأن تكون جميع المواد ذات امتحان وزاري، مع إمكانية اختيار مواد إضافية بناءً على المعدل.
وأضاف عواد أن مادة اللغة الإنجليزية أصبحت تحظى بأهمية مضاعفة في مختلف المسارات، بينما لم تأخذ مواد مثل الرياضيات والعلوم نفس الاهتمام، رغم أنها ضرورية في بعض المسارات مثل الهندسة والعلوم والتكنولوجيا. هذا التوجه خلق تباينًا غير مبرر بين المسارات التعليمية، مما يتطلب إعادة النظر في توزيع المواد وتحديد معايير واضحة لها.
الطلاب يبحثون عن الخيار الأسهل ..
وفي ختام حديثه، أفاد عواد بأن النظام الحالي لم يحقق الهدف المرجو منه، حيث أصبح الطلاب يبحثون عن الخيارات الأسهل بدلاً من متابعة شغفهم وميولهم، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم والتخطيط المدرسي.