*أبو زيد: اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال قائماً؛ وقصف حزب الله رسالة خشنة

*الرداد: الهدنة هشّة؛ وخروقاتها كانت متوقعة

نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية

في تصعيد مفاجئ يهدد استقرار الهدنة الهشة التي بدأت بين إسرائيل وحزب الله، شهد جنوب لبنان اليوم خرقاً جديداً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يعيد المنطقة إلى دائرة التوتر والتصعيد العسكري؛ يأتي هذا التطور بعد أيام فقط من دخول الاتفاق الذي وُصف منذ البداية بأنه محفوف بالمخاطر حيز التنفيذ، وسط تبادل مستمر للاتهامات بخرق بنوده من الجانبين.

ومنذ بدء سريان الهدنة، شهدت المنطقة عدة خروقات من كلا الجانبين. في 28 نوفمبر، نفذت إسرائيل غارة جوية على منشأة لتخزين الصواريخ تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، معتبرة ذلك ردًا على “نشاط مشبوه” في المنطقة؛ كما أفاد الجيش اللبناني بوقوع انتهاكات إسرائيلية متعددة لاتفاق وقف إطلاق النار.

تأتي هذه التطورات في ظل توتر مستمر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الهدنة، مما يثير تساؤلات حول استمرارية الاتفاق وقدرته على تحقيق الاستقرار المنشود في المنطقة.

أبو زيد: قصف حزب الله رسالة خشنة؛ لتسريع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار

وفي هذا الصدد، قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد ، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، إن قصف حزب الله لموقع رويسات العلم جاء ردًا على انتهاكات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار، والتي سجلت وفقًا للقوات الدولية “اليونيفيل” أكثر من 20 خرقًا من قبل الاحتلال.

وأضاف أبو زيد أن رد حزب الله على الانتهاكات الإسرائيلية يهدف إلى تسريع عمل لجنة المراقبة التي تم إقرارها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، والتي وصل رئيسها، الجنرال الأمريكي كاسبر جينيفرز، إلى بيروت أمس.

هناك تباطؤًا في انتشار وعمل هذه اللجنة، مما دفع حزب الله إلى اتخاذ خطوات من أجل تحفيز المراقبين على تسريع تنفيذ الاتفاق ووقف الانتهاكات المتكررة من قبل الاحتلال

وأكد على أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب القصف، والتي شدد فيها على التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى تأكيدات الوسيط الدولي عاموس هوكشتاين بضرورة الإسراع في تنفيذ خطوات الاتفاق، تشير إلى أن وقف إطلاق النار لا يزال صامدًا حتى اللحظة.

واعتبر أبو زيد أن ما قام به حزب الله هو رسالة خشنة تهدف إلى تسريع الخطوات التنفيذية للاتفاق؛موضحاً بأن قصف حزب الله لموقع رويسات العلم أسهم في دفع الخطوات التنفيذية لاتفاق وقف إطلاق النار إلى الأمام.

الرداد: الهدنة هشّة؛ وخروقاتها تعكس هشاشة الاتفاق

ومن جهة أخرى، قال المحلل السياسي والعسكري الدكتور عمر الرداد، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، إن خرق الهدنة من قبل كلا الطرفين، الإسرائيلي وحزب الله، كان أمراً متوقعاً، وقد وصف هذه الهدنة في تحليلات سابقة بأنها هدنة هشة؛ مشيراً إلى أن التصريحات الصادرة عن اليمين المتطرف في إسرائيل تعزز تقديرات بأن هذه الهدنة لن تصمد طويلاً.

السبب الأساسي لهشاشتها يعود إلى أنها لم تحظَ بتوافق داخلي كامل، إذ تردد أن هناك أطرافاً قيادية داخل حزب الله لم تمنح الموافقة الكاملة للأمين العام وقيادة الحزب على هذه الهدنة

وأضاف الرداد أن بالرغم من عودة سكان معظم مناطق الجنوب اللبناني إلى منازلهم، باستثناء القرى الحدودية القريبة من إسرائيل، فإن سكان بلدات ومستوطنات الشمال الإسرائيلي ما زالوا يرفضون العودة إلى منازلهم.

هذا الرفض، وإن كان بتحريض من اليمين الإسرائيلي المتطرف، يعكس قناعة لدى الرأي العام الإسرائيلي بهشاشة هذا الاتفاق. في الواقع

وأوضح إلى أن غالبية الإسرائيليين، بحسب استطلاعات الرأي، يعارضون هذه الهدنة، معتبرين أنها منحت حزب الله فرصة لإعادة ترتيب صفوفه بعد أن كانت الحرب على وشك تحقيق أهدافها بتفكيك الحزب أو إضعافه بشكل كبير.

وتطرق الرداد بأن الهدنة التي وُصفت بالمؤقتة تتضمن بنوداً محددة، منها انسحاب إسرائيل خلال مدة ستين يوماً؛ وخلال هذه الفترة، توجد شروط جزائية على حزب الله تمنع إطلاق الصواريخ أو القيام بأي أعمال قتالية مخالفة للاتفاق، وفي حال حدوث ذلك تمتلك إسرائيل الحق في استئناف عملياتها.

الصواريخ التي أطلقت مؤخراً على شمال إسرائيل يبدو أنها جاءت من تيار متشدد داخل الحزب، وأن إسرائيل لن تتهاون مع هذه الهجمات، حيث بدأت بالفعل بتنفيذ ضربات قاسية استهدفت مناطق شمال الليطاني

وأكد الرداد إلى أن هذه الهدنة تبدو مشابهة للاتفاقات السابقة التي تم التوصل إليها مع حركة حماس، إلا أن الوضع الحالي معقد نتيجة التطورات في سوريا، حيث حققت هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة تقدماً ملحوظاً في إعادة الانتشار والوصول إلى مناطق استراتيجية.

واعتبر أن هذه الخسائر التي يعاني منها الجيش السوري وحلفاؤه، بما في ذلك إيران، قد تكون دافعاً وراء إطلاق حزب الله للصواريخ على إسرائيل كخطوة محدودة، لكنها قد تؤدي إلى رد إسرائيلي أكثر إيلاماً.

واختتم الرداد بأن الفترة القادمة قد تشهد المزيد من الخروقات، مشيراً إلى أن إسرائيل لن تتردد في إيجاد المبررات لإثبات أن حزب الله انتهك الاتفاق، بالرغم من أن الجانب الإسرائيلي نفسه يقوم بخروقات متكررة؛ مشيراً إلى تصريحات رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي أعلن عن تسجيل 54 خرقاً للهدنة من قبل إسرائيل خلال الأيام الماضية.

هل تصمد الهدنة أمام الخروقات المتكررة؟

مع تصاعد التوتر واستمرار الانتهاكات، يبقى السؤال الأبرز: هل تستطيع الهدنة الهشة أن تصمد أمام هذا الضغط المتزايد، أم أن المنطقة على أعتاب جولة جديدة من التصعيد؟ الإجابة تعتمد على قدرة الأطراف المعنية على ضبط النفس والالتزام بشروط الاتفاق، وهو ما يبدو حتى الآن بعيد المنال.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version