نخبة بوست – بقلم د. رافع شفيق البطاينة

في هذا المقال لن أتحدث عن سجوننا وعن سجون سوريا من حيث المقارنة بينهما، لأن في ذلك ظلم لسجوننا، إذ لا يوجد وجه مقارنة. وإنما سأتحدث عن سجوننا وسجون الدول الأخرى بشكل عام. وهنا أتحدث كشخص مطّلع بصفة شخصية مباشرة، وليس ناقلًا عن سماع أخبار أو معلومات من آخرين. علمًا بأنه لا يوجد لدينا سجون بكل ما تعنيه الكلمة أو المصطلح، وإنما ما هو موجود لدينا مراكز للإصلاح والتأهيل.

لقد قمت بزيارة كافة مراكز الإصلاح والتأهيل الموجودة في الأردن من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. معظم هذه المراكز زرتها مرتين، لغايات التفتيش والاطلاع على واقع الخدمات المقدمة للنزلاء، وأحوالهم، والاستفسار عن كيفية تعامل إدارات المراكز وكوادرها معهم. وقد دخلت كافة مهاجع المراكز لوحدي وبدون مرافقة أمنية، حتى أطلع بنفسي وأسمع من النزلاء دون تردد أو خوف أو حرج.

د. رافع شفيق البطاينة

للأمانة، وهذه شهادة أسأل عنها أمام الله والتاريخ ومن رافقني في هذه الزيارات من الزملاء الموظفين. في إحدى الزيارات ترافقت مع السفيرة ريما علاء الدين بصفتها مديرة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية ورئيسة اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان المشكلة من رئاسة الوزراء والجهات ذات العلاقة. كانت الزيارة لمركز إصلاح وتأهيل الجويدة للنساء، حيث لاحظت أن الخدمات المقدمة والمتوفرة للنزلاء وأسلوب التعامل معهم من قبل كوادر الأمن العام تعادل خدمة الخمس نجوم مقارنة بسجون الدول الأخرى في دول الشرق الأوسط، على أقل تقدير، والتي لدي معلومات عنها حسب اطلاعي على التقارير الدولية لحقوق الإنسان.

الخدمات تشمل وجبات ونوعية الطعام، وسائل التدفئة المركزية، المياه الساخنة، والحمامات. علمًا بأن معظم مراكز الإصلاح تعتمد على شركات خاصة لإعداد وتقديم الطعام، والوجبات التي تقدم للنزلاء هي نفسها التي تقدم لكوادر الأمن العام. بالإضافة إلى ذلك، تتوفر خدمات التعليم والحاسوب، ويُسمح للنزلاء باستكمال الدراسة الثانوية العامة والجامعية لمن يرغب، بالإضافة إلى التدريب المهني والحرف اليدوية، بحيث يتعلم النزيل مهنة تمكنه من العمل بعد خروجه إلى الحياة العامة واستكمال مدة محكوميته. كما يتم صرف مبلغ مالي رمزي شهريًا للعاملين في المشاغل المهنية.

عدا عن ذلك، توفر المراكز خدمات طبية وأدوية، وأوقات للتشميس والترفيه والألعاب الرياضية. يتم تصنيف النزلاء حسب الجريمة المرتكبة، ووضع كل صنف في مهجع خاص. كما توجد خدمة الخلوة الشرعية في بعض المراكز لمن يرغب. أما التعذيب فقد عفا عليه الزمن وأصبح من الماضي. إدارة المراكز تسمح لكافة منظمات حقوق الإنسان بالتفتيش على المراكز، وزيارة النزلاء، والالتقاء بهم، والاستماع إلى أقوالهم.

لذلك، أكرر أنه لا يوجد وجه مقارنة بين مراكز الإصلاح والتأهيل لدينا وسجون الدول الأخرى. الزيارات والاتصالات الهاتفية متوفرة بين النزيل وذويه أسبوعيًا، علاوة على تنظيم يوم إفطار جماعي يجمع النزلاء مع ذويهم في شهر رمضان المبارك. كذلك تُفتح أبواب مراكز الإصلاح والتأهيل طوال أيام عيد الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك.

هذا فيض من غيض. فالحمد لله، سجوننا تعمل وفق منهجية وشرعة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لأن جهاز الأمن العام لدينا في الأردن متقدم ومتطور وفق أحدث الأنظمة الدولية. وللحديث بقية.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version