* الرفاعي: الانتخابات النيابية 2024 كشفت عن فجوة عميقة بين الشارع الأردني والأحزاب السياسية؛ و 260 ألف ناخب اختاروا عدم منح أصواتهم للأحزاب
* البدور: هناك خلل بتطبيق التحديث السياسي وليس في الفكرة ذاتها؛ والكرة الآن في ملعب الأحزاب التي تقع عليها مسؤولية إعادة التجربة إلى مسارها الصحيح وإنجاحها
* السواعير: نتائج الانتخابات النيابية وما تبعها من أداء مجلس النواب لم تكن على مستوى الطموحات المتعلقة بالتحديث السياسي
نخبة بوست – محرر الشؤون البرلمانية
في الوقت الذي يسعى فيه الأردن لتحقيق نقلة نوعية في المشهد السياسي عبر مشروع التحديث السياسي الطموح، تتصاعد التحديات التي تهدد بعرقلة هذا المسار؛ حيث جاءت تصريحات رئيس لجنة التحديث السياسي سمير الرفاعي، أول أمس، لتقدم قراءة واضحة للواقع الراهن.
الرفاعي أكد أن الانتخابات الأخيرة كانت مرآة لتوجهات المواطنين، لكنها في ذات الوقت كشفت عن فجوة عميقة بين الشارع الأردني والأحزاب السياسية.
وأوضح الرفاعي أن المشكلة لا تكمن في فكرة التحديث السياسي نفسها؛ وإنما في التطبيق الذي أظهر اعتماد الأحزاب على الشخصيات الفردية بدلاً من البرامج والرؤى الحزبية؛ فهذا الواقع أضر بمصداقية التجربة الحزبية، حيث بدت النتائج مرتبطة بعوامل محلية وشخصية أكثر من كونها تعبيراً عن قوة الأحزاب أو تأثيرها.
وتحت قبة البرلمان؛ غابت روح العمل الجماعي التي كان من المفترض أن تكون عنوان هذه المرحلة، حيث ظهر انفصال واضح لبعض النواب عن أحزابهم، بل وشهدنا حالات انشقاق وانتقال إلى أحزاب أخرى.
فهذه السلوكيات تقوض أسس العمل الحزبي الذي يهدف إلى تعزيز الدور التشريعي والرقابي للمجلس، وتجعل تحقيق الرؤية الملكية بتفعيل العمل الحزبي الجماعي مهمة أكثر تعقيداً.
ومع استمرار هذا الواقع؛ يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: كيف يمكن للأحزاب السياسية إعادة بناء الثقة الشعبية وإعادة العمل الحزبي إلى مساره الصحيح قبل الانتخابات القادمة؟
البدور: الخلل في التطبيق لا في الفكرة؛ والأحزاب أمام تحدٍ قبل 2028
وفي هذا الصدد؛ أكد عضو مجلس الأعيان الأسبق ومقرر لجنة الأحزاب السياسية في اللجنة الملكية للتطوير والتحديث السياسي، الدكتور إبراهيم البدور، أن الخلل في تطبيق فكرة تطوير المنظومة السياسية في الأردن لا يكمن في الفكرة ذاتها، بل في كيفية تنفيذها.
وأضاف، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، أن اللجنة الملكية للتطوير والتحديث السياسي جمعت شبه غالبية التيارات السياسية والفكرية والمناطقية وحتى العشائرية، حيث درست جميع الاقتراحات المقدمة وخرجت بخطة توافقية شاملة تطبق على ثلاث مراحل. المرحلة الأولى تهدف إلى تغيير تركيبة وتفكير أعضاء مجلس النواب، يليها الانطلاق نحو تطوير السلطة التنفيذية كخطوة ثانية.
ومع ذلك، أشار إلى أن أول اختبار لهذه الخطة، وهو الانتخابات النيابية، أظهر صورة مختلفة تماماً عن تلك التي رسمتها المنظومة. حيث استغل البعض رافعة الأحزاب بطريقة سلبية شوهت النتائج المتوقعة، من خلال شراء المقاعد واستغلال القانون لتحقيق مكاسب شخصية.
وتطرق إلى أن الأخطر من ذلك هو فقدان روح العمل الجماعي داخل أعضاء الأحزاب في مجلس النواب، حيث ظهر هذا الخلل بوضوح خلال التصويت على الثقة بالحكومة.
وشدد البدور على أن الكرة الآن في ملعب الأحزاب، حيث تقع عليها مسؤولية إعادة التجربة إلى مسارها الصحيح وإنجاحها؛ محذراً من أن الأحزاب التي فازت بمقاعدها قد تخسر هذه المكاسب إذا استمرت الأمور على هذا النحو، في حين أن الأحزاب التي لم تفز لن تحقق أي تقدم مستقبلاً إذا لم يتم تصحيح المسار.
واختتم البدور قائلاً إن عام 2028 أقرب مما يتصوره البعض، مؤكداً على ضرورة العمل الجاد لإعادة بناء ثقة الجمهور والأحزاب بنجاح المنظومة الجديدة وضمان مستقبل أفضل للعمل السياسي في الأردن.
السواعير: التحديث السياسي خيار لا رجعة عنه ومفتاح التحول للعمل الجماعي
من جهته؛ أكد أمين عام الحزب المدني الديمقراطي، المهندس عدنان السواعير، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، أن نتائج الانتخابات النيابية وما تبعها من أداء مجلس النواب لم تكن على مستوى الطموحات المتعلقة بالتحديث السياسي.
وأوضح أن هناك نقطتين أساسيتين يجب توضيحهما، أولاً ضرورة مراعاة مبدأ التدرج في تطبيق التحديث السياسي، وثانياً أن هذه هي التجربة الأولى في الانتخابات النيابية التي تشهد مشاركة الأحزاب بشكل مباشر، مما يتطلب التحلي بالصبر والتعامل مع هذه المرحلة بقناعة تامة.
وأشار إلى أن هذا التحديث يعكس التحول من العمل الفردي إلى العمل الجماعي، وهو أحد أهم مخرجات هذه العملية.
وفيما يتعلق بالموازنة العامة، أعرب السواعير عن أمله في أن تشهد النقاشات المقبلة تحولاً ملموساً نحو التوسع في الردود والنقاشات عبر الكتل الحزبية، مؤكداً أهمية أن يتحدث النواب باسم أحزابهم بدلاً من الردود الفردية كما حدث في جلسات الثقة.
واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن عملية التحديث السياسي تتطلب الاستمرار والإصرار على نجاحها بمشاركة ودعم الجميع، مشدداً على ضرورة التمسك بالأمل بأن الأمور ستسير نحو الأفضل مستقبلاً، خاصة إذا استمر العمل على تحقيق المسار الديمقراطي والسياسي الجديد الذي يتم الطموح إليه.
هل تنجح الأحزاب في استعادة ثقة الشارع قبل فوات الأوان؟
في ضوء التحديات التي تواجه العمل الحزبي في الأردن، يبدو أن الطريق نحو تحقيق التحديث السياسي المنشود ما زال طويلاً ومليئاً بالعقبات؛ فالأرقام التي أظهرت ضعف القناعة الشعبية بالأحزاب، والتصرفات الفردية تحت قبة البرلمان، تسلط الضوء على أهمية مراجعة الأداء الحزبي وإعادة تشكيل استراتيجياته.
لكن مع اقتراب الانتخابات القادمة، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الأحزاب في استعادة ثقة الشارع وبناء نموذج سياسي جماعي يعكس تطلعات المواطنين؛ أم ستتلاشى الفرصة لتثبيت هذه التجربة وتتحول إلى مجرد مبادرة غير مكتملة؟