نخبة بوسترولا ابو رمان

تبدأ اليوم “المربعانية” أو “أربعينية” الشتاء والتي تعرف في الأردن وبلاد الشام والعديد من الدول العربية، بأنها بداية الفترة التي يشتد فيها البرد في فصل الشتاء، وهي فترة هامة وحرجة خاصّة على المزارعين والأراضي الزراعيّة، بسبب ارتفاع فرص حدوث الصقيع والانجماد الذي يتسبّب بإفساد المحاصيل الزراعية.

ورغم أن المربعانية تعد من الفترات التي ينتظرها الكثيرون للاستمتاع بالأجواء الباردة، إلا أن تكاليفها قد تكون مرتفعة على العديد من الأسر بسبب احتياجات التدفئة والملابس الشتوية.

كما يترتب على هذا التغير في الطقس العديد من الأعراض الصحية التي قد تؤثر على الأشخاص، خصوصًا مع زيادة انتشار الأمراض التنفسية والمشاكل الصحية المتعلقة بالتعرض للبرد.

"أربعينية" الشتاء تبدأ اليوم .. وهذه طقوس العائلات وعادات الجدّات

فصل الشتاء فلكيا سيستمر 88 يوما

رئيس الجمعية الفلكية الأردنية، عمار السكجي، قال، إن لحظة الانقلاب الشتوي لهذا العام ستحدث السبت 21 كانون الأول 2024، في تمام الساعة 12:20 ظهرا بتوقيت الأردن.

وأضاف السكجي في بيان أنه في هذه اللحظة، تتعامد الشمس على مدار الجدي، وتكون في أدنى نقطة لها في السماء، مما يجعل الظل الأطول خلال ساعات الظهيرة، مشيرا إلى أن هذا الحدث يُعدّ بداية فصل الشتاء فلكيا، حيث تكون ساعات الليل أطول ما يمكن وساعات النهار الأقصر.

وأوضح أن فصل الشتاء الفلكي سيستمر 88 يوما و23 ساعة و40 دقيقة تقريبا، لينتهي مع الاعتدال الربيعي الذي سيحدث الخميس 20 آذار 2025 في تمام الساعة 12:01 ظهرا.

وأشار إلى أن هذا الانقلاب يحدث في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، بينما يشهد النصف الجنوبي انقلابا صيفيا في الوقت ذاته.

“المربعانية” .. سبب التسمية ؟  

فلكيا، تبدأ المربعانية مع بداية فصل الشتاء أي في تاريخ 21 أو 22 كانون أول/ ديسمبر، وتنتهي في نهاية شهر كانون ثاني/ يناير، وتُعتبر المربعانية من أشد فترات البرد خلال فصل الشتاء، ويعود سبب تسميتها بهذا الاسم إلى استمرارها لمدة 40 يومًا في الشتاء.
وتنقسم المربعانية إلى عدة مراحل، حيث يبدأ الطقس باردًا ثم يتدرج في الاعتدال مع مرور الأيام.

المربعانية: طقوس العائلات وعادات الجدات

تُعتبر “المربعانية” من أبرز الفترات الشتوية في التراث الشعبي العربي، وفي أجواء المربعانية الباردة، تتجمع العائلات حول المدافئ، سواء كانت مدافئ تقليدية تعمل على الحطب أو مدافئ حديثة؛ حيث يصبح المنزل مركز الدفء والطمأنينة، وتُعد المشروبات الساخنة كالشاي والزهورات لتخفيف حدة البرد.

كما تزداد خلال هذه الفترة أهمية الطعام التقليدي، إذ تُحضّر الأمهات أطباقًا شتوية دافئة، مثل العدس والمجدّرة، والمحاشي، والكبة بأنواعها، وتُقدم المخبوزات الساخنة كالمناقيش والفطائر.

وتلعب الجدات دورًا محوريًا خلال هذه الفترة، إذ ينقلن الحكم والموروث الشعبي المتعلق بالمربعانية للأجيال الجديدة؛ تُروى الحكايات الشعبية والأساطير المرتبطة بالشتاء حول المدفأة، حيث يلتف الأحفاد حول الجدات ليستمعوا إلى قصص مليئة بالحكمة والتراث.

وللمربعانية حضور كبير في الأمثال الشعبية، حيث يقالالمربعانية يا بتربّع يا بتقبّع”، في إشارة إلى تقلب الأحوال الجوية خلال هذه الفترة؛ كما تُعتبر المربعانية معيارًا لبداية البرد الحقيقي، حيث يعتمد الناس على مراقبة هذه الفترة لتوقع ما سيكون عليه باقي الشتاء.

“المربعانية“..  ليست مجرد فترة زمنية في التقويم السنوي، بل هي موسم يحمل طابعًا خاصًا يمتزج فيه البرد القارس بدفء العلاقات الأسرية؛ هي مرحلة تُعيد إحياء التراث الشعبي من خلال طقوسها وعاداتها، وتُجدد الروابط بين الأجيال، مما يجعلها فترة محببة رغم قسوة أجوائها.

دية: البرد القارس يسبب ضغوطات مالية إضافية على الأسر

وفي هذا السياق؛ أشار الخبير الاقتصادي منير دية في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” إلى أن الطقس البارد يساهم بشكل كبير في زيادة التكاليف والمصاريف المفروضة على المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي يعاني منها العديد منهم بسبب تدني الدخل وتراجع القدرة الشرائية.

في ظل الدخل المحدود والرواتب المنخفضة، يصبح توفير المتطلبات الأساسية مثل الوقود، المواصلات، والغذاء تحديًا كبيرًا

وأضاف دية بأن ارتفاع معدلات التضخم وأسعار السلع، خاصة الطاقة سواء كانت الكهرباء أو الوقود تضع ضغوطًا كبيرة على المواطنين، حيث يجد البعض صعوبة في تأمين ثمن الوقود أو دفع احتياجات أسرهم الأساسية؛ مما يزيد من الضغط على مستوى معيشته وقدرته على تلبية احتياجات الحياة اليومية.

ولفت دية إلى أن الأوضاع الاقتصادية الحالية، التي تؤثر بشكل خاص على الطبقات الفقيرة، تزداد تعقيدًا مع زيادة الالتزامات والمصاريف؛ مما يضيف عبئًا ماليًا إضافيًا على الأسر، وخاصة إلى اضطرارالمواطنين إلى شراء ملابس شتوية إضافية لتواكب البرد القارس، مما يساهم في زيادة النفقات.

وختم ديه حديثه بأنه في ظل الدخل المحدود والرواتب المنخفضة، يصبح توفير المتطلبات الأساسية مثل الوقود، المواصلات، والغذاء تحديًا كبيرًا. وبالنسبة لرب الأسرة، فإن مواجهة هذه الأعباء المالية في فصل الشتاء تشكل ضغطًا إضافيًا، حيث يواجه صعوبة في تلبية احتياجات الأسرة من الملبس والمأكل وغيرها من الضروريات.

المربعانية: التحديات المناخية وتأثيرها على الاقتصاد 

في السياق ذاته، فإن تقلبات الطقس، خصوصًا الباردة منها، تدقع الكثيرين إلى متابعة الأحوال الجوية بشكل دقيق، حيث إن هذه التغيرات قد تؤثر بشكل كبير ليس فقط على الجانب الاقتصادي للأسر بل أيضا على الزراعة، خصوصًا في المناطق التي تعتمد على الأمطار والطقس البارد، وحاجة المحاصيل إلى الري.

إذ أن الطقس البارد قد يؤثر على تربية الحيوانات، خاصة إذا كانت درجات الحرارة منخفضة بشكل غير معتاد إضافة إلى ذلك، تؤثر تأثيرات الطقس البارد على المحاصيل الزراعية، وخاصة خلال فترات الصقيع، مما يؤدي إلى تراجع إنتاج بعض المنتجات الغذائية وارتفاع أسعارها في الأسواق.

كما أن الظروف الجوية قد تعرقل حركة النقل والتوزيع، مما يؤدي إلى تأخير وصول السلع وزيادة تكاليف النقل.

فدرجات الحرارة المنخفضة من شأنها أن تدفع إلى زيادة الطلب على وسائل التدفئة المنزلية، سواء عبر الكهرباء أو التي تعتمد على الوقود، مما يؤدي إلى ارتفاع فواتير استهلاك الطاقة وإرهاق جيوب المواطنين في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع تكاليف الحياة اليومية.

المربعانية وتأثيرها على الصحة

أما فيما يتعلق بالجانب الصحي ومدى تأثير المربعانية على الصحة، فلا بد من الحرص على اتخاذ الإجراءات الاحترازية خلال فترة المربعانية، والتي تتمثل في:

  •  مراقبة الأطفال وكبار السن: فهم الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالبرد، لذا يجب تأمين الراحة لهم وضمان ارتدائهم ملابس دافئة.
  • الحذر أثناء القيادة: في حالة وجود صقيع أو ثلوج، يجب الحذر أثناء القيادة لضمان عدم حدوث حوادث مرورية، والتأكد من أن المركبة مجهزة لمواجهة الطقس البارد.
  •  ارتداء الملابس المناسبة والدافئة والمبطنّة لحماية الجسم من البرد.
  • الحفاظ على الدفء داخل المنزل مع الحرص على عدم التعرض المباشر للمصادر الساخنة، مثل المدافئ أو أجهزة التكييف الدافئة، لأنها قد تسبب جفاف البشرة.
  •  شرب السوائل الدافئة.
  • الاهتمام بالبشرة: للحفاظ على رطوبتها.
  • الحفاظ على النظافة الشخصية: الحرص على غسل اليدين بشكل منتظم لتقليل انتشار الأمراض الفيروسية مثل الإنفلونزا، واستخدام المعقمات إذا لم تكن هناك إمكانية لغسل اليدين.
  • التغذية الصحية: تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات، وخاصة فيتامين C، لتعزيز المناعة ضد الأمراض الشتوية، والأغذية الدسمة والمتوازنة للمساعدة في المحافظة على حرارة الجسم.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version