نخبة بوست– حنين شريم
بين ترقب وتشوق ينتظر عشاق مسلسل لعبة الحبار الموسم الثالث من العمل الكوري الذي تمكن من كسر حواجز التوقعات في موسميه الأول والثاني بعد عرضه على نتفليكس. وعلى الرغم من قصته القاسية وغير الإنسانية التي تدور حول الحصول على النقود أو الموت، إلا أنه تمكن من جذب ملايين المشاهدات خلال أسابيع قليلة.
ودائما عند مشاهدة مثل هذه الأعمال يتراود إلى ذهني سؤال فلسفي لا أعتقد بأن له إجابة بعد، ألا يكفينا الظلم الموجود في الواقع لنختار بملء إرادتنا مشاهدة ظلم يقع على شخصيات “غير حقيقية” أو من نسج خيال كاتب ما ليصبحوا جزءا منا ومشاعرهم تصبح تراودنا. إذا لربما محبي هذا النوع من الأعمال قد يكونوا ساديين أو مازوخيين أو الاثنين معا إذا كان من الممكن أن يكون الشخص مصاب بهذين الاضطرابين معا، ولأني شخص غير مخول للتشخيص النفسي، فسأحاول أن أجد جواب يكون منطقي على الأقل بالنسبة لي.
إذاً لماذا نستمتع بمشاهدة أشخاص يجبرون أن يلعبوا مقابل حياتهم؟
لنقم بتحليل الفكرة الأساسية للعبة الحبار: هناك وعد بجائزة مالية ضخمة للاعب الذي ينجح في اجتياز جميع الألعاب، ولكن الجائزة لا تعني فقط المال، بل تعني الحياة نفسها. لأن في هذه اللعبة، الفوز ليس مجرد مكافأة مادية بل هو ببساطة “البقاء على قيد الحياة”. في هذه اللحظة، تصبح المعادلة أكثر وضوحاً: الحياة = المال. ولكن هل المال يساوي الحياة حقًا؟ فاللاعبين في مسلسل لعبة الحبار كانوا أحياء قبل دخولهم اللعبة ولكنهم معدومو المال بل أسوأ من ذلك فحياتهم أشبه بجحيم حقيقي على الأرض، ديون وعائلات مشتتة، وفقر مقطع، ووفقا لاعتقادهم أنهم لا يملكون أي شيء يمكن خسارته.
إذاً، عندما يصبح “اليأس” و”الفقر” و”الخذلان” و”الطمع” هي الدوافع الأساسية للإنسان، يتلاشى الفارق بين الحياة والموت، ويصبح المال وسيلة للبقاء، ليس أكثر. وفي هذه الحالة، ستكون المعادلة الأكثر دقة هي: اليأس + الفقر + الطمع + الخذلان = المال + الحياة. بالتأكيد سترجح الكفة للحياة حتى ولو عنى ذلك الموت المحتم.
ولكن لماذا وقع اختيار القائمين على لعبة الحبار على ألعاب الأطفال؟
ريما هذا يعكس واقع الحياة: في البداية، تبدأ بأبسط الألعاب التي تشعرنا بالسعادة، ولكن مع مرور الوقت تتحول حياتنا إلى ساحة قتال مليئة بالدم والأشلاء، فتتلاشا براءتنا وتختفي إلى الأبد
وبالعودة إلى معادلتنا الأساسية هي الحياة تساوي المال وبمحاولة وضعها في إطار واقعي تصبح الحياة لعبة، ولنكن أكثر تحديداً لعبة قمار حيث لا يوجد رابح حقيقي، بل فقط خاسرون بأبعاد متفاوتة، وهكذا قد نكون جميعًا مجرد لاعبين نركض خلف أهداف مختلفة، ولكن دون أن نحقق أي نوع من الرضا الحقيقي.
في الحقيقة لا أعلم ما الذي وصل بنا إلى هنا، ربما طرح السؤال الخاطئ وهو “لماذا نحب مشاهدة لعبة الحبار؟” عوضاً عن “هل نحن نعيش في لعبة بالفعل؟”. وتمامًا كما في لعبة الحبار، قد تصبح الحياة لعبة قاسية في ظل الظروف الصعبة والمريرة. وتصبح الإجابة الأكثر منطقية هي أن مسلسل لعبة الحبار هو تجسيد رمزي لعالمنا الواقعي – عالم مليء بالظلم والتحديات حيث كل خطوة قد تكون فاصلة بين الحياة والموت.