نخبة بوست – كتب: د. محمد العزة
تقرير ديوان المحاسبة يكشف ضعف أداء موظفي القطاع العام في السنوات الأخيرة. الأهم أن نسأل أنفسنا: ما هي متطلبات المرحلة؟ لماذا لا يتم مناقشة تقرير ديوان المحاسبة تحت قبة البرلمان أسوة بمناقشة مشروع الموازنة، وإخضاعه لمعايير مستوى ونوعية النخب السياسية والكفاءات، وتحديث مرونة الإجراءات والتشريعات والأدوات، وعكسها على نهج الحكومات الحالية بحيث تعيد الثقة ما بين المواطن الأردني ومن هم في مواقع المسؤولية، حيث بات واضحًا أن من هو في المشهد اليوم لا يمتلك العمق بالمفاهيم السياسية المطروحة والإيمان بواجبه وعمله، حيث بات الاتهام بالسطحية والشكلية والوجاهة وضعف تقديم الملفات على أسس المراجع المؤسسية وثقافة المحاسبة وتصويبها.
التحديث الإداري والاقتصادي يحتاج إلى شخصيات للحفاظ على ضمان البلد واستقراره ونهضته والحفاظ على مسيرته وعبورها من الملكية الرابعة إلى الخامسة على أسس قوية وروافع وطنية تشمل ركيزة بناء متينة وقوية تدعم وتطور هيكل الدولة ومؤسساتها بما يتماشى مع أدوات العصر التكنولوجية والتغيرات الجيوسياسية الاستراتيجية، والموازنة ما بين القطاع العام والخاص ضمن اتفاقية تشاركية محكومة ومضبوطة بأحكام وتشريعات توضح وتحفظ حق الجميع.
سأقتبس في المقال تصريح دولة عبدالرؤوف الروابدة أبو عصام، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، وأنا الذي طالما وصفته بأنه (مدرسة حياة ومدرسة سياسة)، عندما صرح: “لا يوجد فساد في الأردن إنما يوجد سوء وضعف في الإدارة“.
ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة هو مؤشر لتوجيه نداء ودعوة إلى إعادة التنسيق بين السلطات الدستورية الثلاث: التشريعية في الرقابة على التنفيذية، التي بدورها تُفعِّل دور السلطة القضائية في علاج أي مخالفات بكل حزم دون أي مجال لأي جزم.
نريد فسادًا وطنيًا أردنيًا يخضع للقوننة وسيادة القانون ورقابة الهيئات المختصة، وتوزيع المستردات من المال العام وتحويلها إلى مشاريع معيارية حقيقية وليس وهمية يلمسها المواطن وخزينة الوطن وكوادر مؤسساته، وبيان أثرها على مستوى الحياة المعيشية، الأمر الذي يزيد من ثقة المواطن بحكومته ويرسخ مواطنته.
تحصين المال العام يحسن الأحوال وينعش الآمال بأداء تحفيز الوازع الرقابي لدى المسؤولين داخل السلطتين التنفيذية والتشريعية، في رفع مستوى الحالة المعيشية للمواطن الذي يوجه صرخته لجلالة الملك، الذي صرخ من قبل ورفع وتيرة نبرة دعوته نحو شباب عشيرته الأردنية الواحدة، بأن اضغطوا وارفعوا صوت حناجركم إزاء أي معيقات أو تحديات تمنع نشاطكم واشتباككم لأجل بناء مستقبلكم الذي هو مستقبل الأردن الواعد والصاعد في صناعة نخب سياسية جديدة تسهم في مسيرة الديمقراطية المتجددة وتعالج حال التراجع وأحواله، وتصوب تأثير مصادر الهدر وتمنعها وتصحح ضعف أداء الرقابة النيابية.
الأمر يوجب على عقل الدولة اتخاذ إجراء وقرار بإعادة صناعة النخب السياسية السيادية لتكون الأطوع والأكفأ، تمتلك صفة الإخلاص والوفاء والانتماء والاستيعاب، ويكون النماء بوصلتها لبناء هيكل الدولة الأردنية الحديثة والوطن ومؤسساته وأفراده وقيادته الحكيمة وشعبه العظيم.
لن نرضى فسادًا يملي علينا أجندة خارجية مرتبطة سياسيًا ويمنعنا مما نملكه من إقامة نموذجنا الخاص الإداري والاقتصادي لصالح خدمة شعبنا ودولتنا الأردنية المئوية، بل نمتلك نموذجنا القادرين على إدارته وتصنيعه وصقله وتهذيبه بما يتناسب وكل مرحلة وطنية ضمن فترة زمنية، واتخاذ القرار في اختيار نخب إدارة هذه المرحلة التي تضمن بقاء هذا الأردن على الحفاظ على أمنه واستقراره الأمني، عزيزًا كريمًا آمنًا مطمئنًا مستقرًا.