في حوار شامل مع رمضان: الأردن وطن وليس ترانزيت؛ وقيادات ليست بمستوى الطموح

* السياسي تنازل عن دوره كـ “سياسي”

* العملية الديمقراطية تبدأ في 10 أيلول المقبل

* نريد موقفًا واضحًا من قطاع الطاقة “الصندوق الأسود”

* نشهد صفقة قرن عسكرية

* أتوقع أن تصل نسبة المشاركة في الانتخابات إلى 35%

* نسبة الأعضاء الحزبيين في المجلس القادم ستتجاوز 50%

* على القوى الفاعلة في المجلس الحصول على ثلثي الأصوات

* لا توجد أحزاب جماهيرية منظّمة

* نريد تمكين المرأة بشكل “واقعي”

* المرحلة بحاجة إلى إدارة غير الموجودة.. إدارة تعيش مع الناس

* الفلسطيني كالعنقاء ينتفض من أجل قضيته وليس من أجل الأشخاص

* 7 أكتوبر ثوار عانقوا السماء

* المشروع الفلسطيني غير مهزوم بل المشروع الإسرائيلي

الصهيوني لا يريد أبو مازن أو السنوار

* المتأثر الأساسي من أحداث غزة هو الأردن

* لا خلاف بين المقاومة وأي مشروع آخر

نخبة بوست – وفاء صبيح، رولا أبو رمان، أماني خماش

لا يمكن اعتبار عضو مجلس الأعيان المهندس خالد رمضان، رجلاً عابراً في تاريخ السياسة الأردنية؛ رجل حمل الهم الوطني والقومي معه سويّة، وحمل فكر تيار المواطنة وعمل عليه، وزرعه غرسا بين الشباب الأردني، حقق تيارا هاما نقابيا وسياسيا يحمل رسائل متعددة لبناء الأجيال ومتابعة القضية الفلسطينية.

رمضان قدّم لـ “نخبة بوست” حوارا شاملا تحدث فيه بوضوح وشفافية حول العديد من القضايا الساخنة المرتبطة بالشأن المحلي والفلسطيني؛ أبرزها الانتخابات النيابية المقبلة في ظل قانون الانتخاب الجديد، الواقع الحزبي في المملكة اليوم، الموقف الأردني وأبعاد الحرب على غزة، وتاليا النص الكامل للحوار الذي أدارته المدير العام لشركة الإعلام الرقمي أروى أبو رمان بحضور رئيسة التحرير وفاء صبيح وطاقم التحرير:

مجلس النواب المقبل يمثل مرحلة مفصليّة في العملية السياسية

ضمن المحور الأول من حديثه، أكد رمضان أن مجلس النواب القادم يمثل مرحلة مفصليّة في العملية السياسية الانتخابية ونقطة تحوّل في الواقع الحزبي في المملكة، لافتًا إلى أن تصدّر العملية الانتخابية لا يكون عبر رفع الشعارات ووضع البرامج فحسب، إنما من خلال ربطها بالقضايا الساخنة على الساحة المحلية مثل التضخم، البطالة، الصحة، التعليم، إضافة إلى ضرورة إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور يرافقه وضع حد أعلى للأجور، كما تطرق رمضان خلال حديثه إلى ضرورة اتخاذ موقف واضح من ملف الطاقة الذي وصفه بـ “الصندوق الأسود” وأزمة المياه ومشروع الناقل الوطني – الذي لم تتقدم له حتى الآن سوى شركة واحدة – ناهيك عن أزمة الفقر التي تتهرب الحكومات المتعاقبة من الحديث عنها أو تحديد نسبها الحقيقية بالمملكة.

وحول قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين، قال رمضان “أثيرت عدة تساؤلات حول مدى تأثير القوانين الجديدة على نجاح العملية السياسية والارتقاء بها بعيدًا عن السطوة العشائرية التي سيطرت على المجالس السابقة”، مضيفًا أنه من السابق لأوانه إصدار التكهنات والأحكام المسبقة على قانوني الأحزاب والانتخاب. وفي الفترة الحالية، لا بد من التركيز على وسائل العمل والأدوات المتاحة، والحكم يكون بعد بدء المجلس الجديد عمله وهل سيستعيد ثقة المواطن به أم لا؟

م. خالد رمضان خلال حديثه الشامل لفريق ” نخبة بوست” في مكاتبه

أحداث غزة وأثرها على الانتخابات النيابية

وفي معرض حديثه عن حرب غزة، قال رمضان إنه من الصعب الحديث اليوم عن السياسة الداخلية في الأردن دون ربطها بالحرب على غزة ومدى انعكاسها على الداخل الأردني، منوهًا إلى أن الأردن يمر بأزمات عديدة قبل السابع من أكتوبر ولديه العديد من القضايا والملفات الشائكة التي تشكل تحديًا داخليًا بالنسبة له وتتصدر أولوياته.
وأضاف بقوله “إن المتأثر الأساسي والمباشر من حرب غزة هو الأردن”، لذلك على النخب السياسية مراعاة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لأحداث غزة على الداخل المحلي.

وأكد رمضان أن غزة حاضرة في جميع المحافظات بالسويّة ذاتها، بالرغم من محاولات خلق “فوبيا” بشأن تأثير الحرب على التصويت لتيار معين دون الآخر، وهذا افتعال يستحضر وإذا استفاد أي حزب من هذه الحرب، فالقصة تكمن في قدرته على التأثير بالمواطنين ليس إلا.

وفي سياق متصل، أوضح رمضان أن نسبة التصويت في الانتخابات عام 2020 في ظل جائحة كورونا بلغت 29%، متوقعًا أن تصل نسبة المشاركة في المجلس العشرين إلى أكثر من 35%، وتجاوز 6 إلى 8 إتلافات نظام العتبة، كما من المتوقع أيضًا أن تتجاوز نسبة الأعضاء الحزبيين بالمجلس القادم حاجز الـ 50%.

تطوير العملية الديمقراطية يجب ألا يقترن بالانتخابات

وحول الانتخابات النيابية، أكد رمضان أن العملية الديمقراطية تبدأ في 10 أيلول المقبل، وقال “العملية الديمقراطية يجب ألا تقترن بالانتخابات فقط، إنما بغرس مفاهيم المواطنة ودولة القانون في عقول الطلاب في المؤسسات التعليمية، فالديمقراطية تتجذر بالتعليم والتعلم”. داعيًا الشباب إلى تعظيم فكرة دولة القانون وعدم الانصياع وراء بعض أصحاب المراكز السياسيّة والاقتصادية الذين يحاولون استخدام قضية الشباب والمرأة كـ “جسر للعبور” لحشد التأييد.
واضاف تشكّل الانتخابات النيابية 2024 مرحلة انتقالية جديدة في العمل الحزبي والبرلماني، وبناءً على قانون الانتخاب الجديد، رفعت عدد المقاعد من 130 إلى 138 مقعدًا لتتقسم بين دائرتين، 97 مقعدًا للدائرة المحلية و41 مقعدًا للدائرة الوطنية (الأحزاب).
وضمن إطار تمكين المرأة، نوه رمضان إلى أنه لا يمكن علاج الأزمة الاقتصادية دون تمكين حقيقي وواقعي للمرأة، مشيرًا إلى أن إحصائيات البطالة تشير إلى وجود حوالي 85% من النساء متعطلات عن العمل، لافتًا إلى ضرورة وجود قانون المناصفة يقوم على أساس المساواة بين الرجل والمرأة في العملية السياسية ويحل بديلاً عن نظام الـ “كوتا”.

م. خالد رمضان موجها حديثه للمدير العام الزميلة أروى ابو رمان

فقدان الثقة لدى المواطن بالحكومات المتعاقبة

وتطرق رمضان خلال حديثه إلى حالة النفور وعدم الثقة في الشارع الأردني تجاه الحكومات المتعاقبة ومدى قدرتها على إدارة الأزمات التي نعاني منها بفاعلية، وفي هذا الصدد قال “من يعتقد أن الأردن وطن وليس بلد ترانزيت يرى أن فقدان الثقة لدى المواطن بالحكومة لا يتمثل بالمؤسسات، إنما بالقيادات القائمة على هذه المؤسسات”، بمعنى أن علاج الأزمات في الأردن لا يقتصر على التحديث السياسي والاقتصادي وحسب، إنما على محاسبة الإدارات التي وصفها بـ “المترهلة المتداعية”، لذا، يتعين على المؤسسات التشريعية والتنفيذية اليوم إعادة ترميم علاقتها مع المواطن بشكل يلبي طموحات جلالة الملك.
ولدى سؤاله عن “المواصفات المطلوبة في رئيس الوزراء الجديد” قال “إن الأردن بحاجة إلى رئيس وزراء ذي عقل حازم، إداري، سياسي، يؤمن بعمق بالديمقراطية الناجزة”.

تقسيمات الشارع الأردني وفقًا لمشاركته السياسية

أما فيما يتعلق بالمشاركة الانتخابية، أكد رمضان أن الشارع الأردني يقسم اليوم وفقًا لمشاركته السياسية إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى ستمارس العملية السياسية بفكر عشائري تقليدي، الفئة الثانية ستتوجه للبحث عن رؤى وبرامج تمثلها، أما الفئة الثالثة والتي تمثل المواطنين الذين سيمتنعون عن المشاركة السياسية في الانتخابات ويعتقدون أن المجلس لا يلبي طموحاتهم وهذه الفئة ستؤدي إلى وصول نواب “غير أكفاء” لمجلس النواب، مشيرًا إلى أن نسبة مشاركة المواطنين في كل من: عمان، الزرقاء، وإربد في العملية السياسية تعتبر الأقل من نوعها، علمًا بأنهم يمثلون نحو 84% من عدد السكان الإجمالي بالمملكة.
وقال رمضان “نحن بحاجة إلى أحزاب جماعية ذات برامج قوية ومؤثرة تضع القضايا المحلية والتحديات في مقدمة برامجها”، لافتًا إلى ضرورة مراجعة النخب السياسية لذاتها في حال لم تقنع المواطن في برامجها ورؤاها.

ولفت رمضان خلال حديثه إلى وجود ثلاثة مظاهر أساسية يعاني منها الأردن وهي: عدم وجود أحزاب جماهيرية منظمة، النقابات العمالية التي لا تدافع عن قضايا وهموم أعضائها بالشكل المطلوب، علاوة على افتقار الأردن إلى مجتمع مدني منظم، مضيفًا أن هذه المظاهر الثلاث ستنتج ما يسمى بـ “الناشط السياسي” الذي لا يؤمن بالتطور أو النضال السياسي الاجتماعي، الاقتصادي أو الثقافي التدريجي، وقال إن على الأحزاب اليوم أن تعي تمامًا الخلفية الثقافية والاجتماعية وإمكانات الأردن.

7 أكتوبر قدم مشروعًا وطنيا غير مهزوم

وفي المحور الفلسطيني، أكد رمضان أن السابع من أكتوبر قدم مشروعًا وطنيًا “غير مهزوم”، ومن هذا المنطلق يجب على الشعب الفلسطيني أن يقدم رؤية سياسية تعبر عن 15 مليون فلسطيني، لتتوحد بذلك الصفوف، فنحن الآن أمام صفقة قرن عسكرية ميدانها الضفة والقطاع، والأمر لا يمكن أن يتوقف على الدعم الذي يقدمه الأردن، إنما على الجميع تقديم الدعم للشعب الفلسطيني، لاسيما دول النفط والغاز، وذلك من خلال العمل على تأسيس صندوق لدعم الصمود الفلسطيني.

الغرب وسياسة الكيل بمكيالين

وحول ازدواجية المعايير الدولية، بيّن رمضان أن الإدارة الأمريكية التي تعمل على إرسال المعونات الغذائية إلى غزة، هي ذاتها التي ترسل الاحتلال بالأسلحة، وفي ذات السياق، لا يوجد في المراكز الصهيونية من يقبل بوجود الفلسطيني على أرضه، لذلك يجب عدم الدفع باتجاه أن ما يحدث في غزة سببه طوفان الأقصى. فالشعب الفلسطيني قد حسم أمره منذ بداية الاحتلال بأنه يتبع كل من يرفع راية المقاومة.

وأوضح رمضان أن المشكلة ليست مع نتنياهو، بل مع العقل الصهيوني الفاشي الذي لا يريد أو مازن او السنوار ويسعى لإقامة دولة يهودية نقية، ومن اليوم الثاني للسابع من أكتوبر، اجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع مجلس الحرب الإسرائيلي ليعلن عن وقف إقامة المشاريع الاقتصادية الضخمة في المنطقة ما لم تُجرد غزة والجنوب اللبناني من أسلحتهما.

الشعب الفلسطيني: ثوار عانقوا السماء

وخلال حديثه لم يغفل رمضان عن إبداء فخره واعتزازه بالمقاومة الفلسطينية قائلا ” أن كتائب القسام وكل مكونات الشعب الفلسطيني هم ثوار عانقوا السماء” مضيفا على النخب السياسية، كما قبلت بالبراغماتية وتدرج المحاور بحسب مواقعها، عليها أن تقبل بالتدرج من البلد الذي تعيش فيه، وكما عملت على تقديم الشكر للعواصم التي تستضيف الموساد، عليها تقديم الشكر أيضًا للأردن الذي عمل على طرد سفير الاحتلال.
مشددًا على أن القوى السياسية والتنظيمية خارج غزة تقرأ ما يحدث في غزة على أنه حرب تحركية وليست حرب تحريرية ونحن ندرك الرسائل الدولية التي تأتي من تركيا وإيران وقطر.

موقف الأردن من حرب غزة

أما فيما يتعلق بموقف الأردن تجاه ما يحدث في غزة، بيّن رمضان أن الأردن أعلن بوضوح عن موقفه المتجسد بطلب الوقف الفوري للعدوان على غزة وضرورة فتح المعابر، والتصدي لمنهجية الفصل بين الضفة وغزة، بالإضافة إلى عودة اللاجئين. مضيفًا “أن جلالة الملك يؤكد في شتى المحافل الدولية أن السابع من أكتوبر كان نتاج ممارسات الاحتلال العنصرية تجاه الفلسطينيين”.

ونوه رمضان إلى أن الأردن هو الميدان الذي تحسم به المعركة بين خط التوابل وخط الحرير، وعنوان الأردن هو المثلث الذهبي المتمثل بـ “العرش والجيش والشعب”، وبالرغم من أن الأردن يواجه تحديات كبيرة من جهات عدة من بينها الخطر الرئيسي الآتي من الكيان الصهيوني ومعركته في محاربة آفة المخدرات، والحل الوحيد لمواجهة كل ذلك هو أن نصلب الجبهة الداخلية، حيث لا بد من القيام بثورة بيضاء سلمية، تطال قمة المناصب الإدارية على اختلاف مواقعها.

سيناريو التهجير القسري ليس بالمستبعد

وبشأن تهجير سكان الضفة إلى الأردن، أوضح رمضان أن النكبة لا تزال حاضرة في ذاكرة الشعب الفلسطيني، ولن يقبل بتكرار ما حدث، وبرغم بشاعة ما قام به المحتل في غزة، إلا أن سكان غزة تمسكوا بأرضهم، ورفضوا فكرة الهجرة، والمشهد في الضفة ليس بالمختلف، فبرغم من تضييقات الاحتلال والأوضاع الاقتصادية الصعبة، إلا أنهم صامدون، مضيفا “الفلسطيني كـ “العنقاء” ينتفض من أجل قضيته وليس من أجل أشخاص ومن هنا يجب العمل على دعمهم بشتى الوسائل، لكن يجدر القول بأن سيناريو التهجير القسري ليس بالمستبعد، وتبعا لذلك، وضع الأردن جميع اتفاقياته مع الاحتلال على الطاولة بما في ذلك اتفاقية الغاز.

الهويّة الأردنية في أعظم حالة أمنية وطنيّة

واختتم رمضان حديثه الشيق والممتع بقوله “إن الهوية الأردنية راسخة جامعة، واليوم هي في أعظم حالة أمنية وطنية. فالأحزاب المرخصة جميعها سواسية، وعلى مؤسسات الدولة أن تكون على مسافة واحدة من الأحزاب وأن تترك المواطن ليعبر عن آرائه بحرية، فهذا الدرس السياسي له تبعات مهمة جدًا، أساسه كيف نصنع ثقة المواطن بالعملية السياسية والمؤسسات، وعلى الأحزاب أن ترقى ببرامجها ورؤيتها للعمل من أجل الوصول إلى دولة القانون والمواطنة والمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية التي نسعى إليها”.



اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version