مؤتمر “الاستجابة الإنسانية لغزة”.. دعوة ملكية لتخفيف معاناة أهلنا بالقطاع

نخبة بوست – أماني خماش

في ظل تفاقم المعاناة الإنسانية لأهلنا في غزة، أعلن الأردن عن استضافتها مؤتمرًا دوليًا لـ “الاستجابة الإنسانية لغزة”، بتنظيم مشترك بين الأردن وجمهورية مصر العربية، والأمم المتحدة، حيث يعقد المؤتمر بدعوة من جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وعلى مستوى قادة الدول ورؤساء الحكومات ورؤساء منظمات إنسانية وإغاثية دولية.

ويهدف المؤتمر الذي يعقد في 11 الشهر الحالي إلى تنسيق الجهود الدولية لتقديم الدعم الإنساني العاجل لسكان غزة، الذين يعانون من تداعيات الصراع المستمر في المنطقة.

وسيشهد المؤتمر حضورًا واسعًا من مختلف دول العالم، حيث ستتم مناقشة السبل الفعالة لتوفير المساعدات الضرورية من غذاء ودواء ومأوى لسكان غزة، بالإضافة إلى دعم برامج إعادة الإعمار والتنمية المستدامة.

وبحسب المنظمين، يأتي هذا المؤتمر في وقت “حسّاس” حيث تتفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، مما يستدعي تضافر الجهود الدولية لتخفيف المعاناة وتقديم الدعم اللازم، وسيتم خلال المؤتمر استعراض أحدث التقارير عن الأوضاع الإنسانية والحاجات الملحة التي تتطلب استجابة فورية، بالإضافة إلى جلسات حوارية ونقاشات تفاعلية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية

غيشان: المجاعة تتفشى بالقطاع والدعوة وجهت إلى 100 دولة

مؤتمر "الاستجابة الإنسانية لغزة".. دعوة ملكية لتخفيف معاناة أهلنا بالقطاع
الكاتب والمحلل السياسي د.نبيل غيشان

وفي هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي د.نبيل غيشان أن هذا المؤتمر يأتي ضمن إطار جهود جلالته المتمثلة بطلبه الدائم لوقف إطلاق النار وضرورة إرسال المساعدات – الذي كان للأردن دورا كبيرا في  إيصالها – وتجلّى ذلك من خلال الإنزالات الجوية على القطاع، وإرسال المستشفيات الميدانية إلى القطاع والضفة الغربية، وفي ذات السياق عمل جلالة الملك على حشد الدول والمنظمات الدولية للمؤتمر، حيث وجهت الدعوة إلى 100 دولة.

وأوضح غيشان من المتوقع أن تكون نسبة الحضور مرتفعة في المؤتمر، لاسيما أن القضية الفلسطينية تحظى بتعاطف دولي واسع، فالجميع يتحدث عن العدوان على غزة، بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد الشريك الأول للاحتلال في عدوانه على غزة، وسيتخلل المؤتمر الحديث عن إيصال المساعدات الإنسانية لغزة، الذي بات يعيش وضعا كارثيا، فالمجاعة بدأت تتفشى بالقطاع، سيما أن الاحتلال قام سيطر على محور فيلادلفيا، مما كان له الأثر بإغلاق معبر رفح، وإيقاف إمداد القطاع بالمساعدات الإنسانية.

وأشار غيشان إلى أنه من المتوقع أن تتمحور مخرجات المؤتمر حول تحديد آلية تقوم على إرسال مساعدات بشكل مباشر إلى غزة وإقامة صندوق مالي لمساعدة القطاع.

المومني: المؤتمر يعبّر عن القوة الأردنية الناعمة 

الدكتور حسن المومني – أستاذ العلاقات الدولية وتسوية النزاعات في الجامعة الأردنية

وحول أهمية انعقاد المؤتمر في الأردن، أوضح أستاذ العلاقات الدولية وتسوية النزاعات في الجامعة الأردنية د. حسن المومني، أنها تنبع من أهمية الأردن في هذا المجال، فالأردن دولة وازنة ولها خبرة كبيرة في المجال الإنساني، وفي الاستجابة للأزمات والصراعات التي تحدث في المنطقة، وتحديدا القضية الفلسطينية، وموقف الأردن تجاه ما يحدث في غزة كان واضحا منذ بداية العدوان، وكانت واحدة من العناوين الرئيسة بمسألة التعاطي مع تداعيات الواقع الإنساني في القطاع، وتحديدا مع النازحين.

وأشار المومني  إلى أن توقيت هذا المؤتمر جاء في الوقت المناسب الذي يتزامن مع تصاعد العدوان على غزة، فالمؤتمر مبادرة أردنية تسجل له ضمن تحرك سياسي ودبلوماسي نشط، وهو من الدول القلائل التي تمتلك الخبرة في هذا السياق الإنساني، بسبب تمتعها بشبكة علاقات دولية واسعة، وفي نهاية المطاف يمكن القول إن المؤتمر يعبر عن الدبلوماسية الأردنية العامة، والقوة الأردنية الناعمة.

أبو حسّان: نزاع مسلح أم مقاومة للاحتلال.. الأهم معالجة الكارثة الإنسانية

ريم أبو حسان – وزيرة التنمية الاجتماعية سابقاً

من جانبها، قالت وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة والقانونية ريم أبو حسان، أنه ومع وجود هذه المجاعة وأفعال القتل المتعمدة، كان لا بد من وضع حلول ناجحة لمعالجة الكارثة الإنسانية التي تحدث أمام الأعين، وبعيداً عن الحلول السياسية والدبلوماسية، فنحن أمام وضع إنساني يتطلب استخدام آليات مختلفة لتحسين حالة الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة، وترتكز بعض هذه الحلول على القانون الدولي الإنساني، لكن العديد من الأطراف الفاعلة تسهم على نحو متزايد في تنفيذها خارج الإطار القانوني الأصلي، الذي وُضع لهذا الغرض.

وفي ذات السياق، تسعى الدول والهيئات المتخصصة بحقوق الإنسان، وأجهزة ووكالات الأمم المتحدة المتنوعة، والمنظمات الإقليمية، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، إلى معالجة حالات النزاع المسلح، فبمعزل عن توصيف ما يحدث في غزة سواء أكان مقاومة احتلال أم نزاع مسلح، يمكن القول إن العمل الإنساني الذي لا يرتبط بأية أجندة سياسية، يجمع بين الحماية والمساعدة، غالباً ما يكون هو العلاج الوحيد المتاح لإنقاذ ضحايا هذه النزاعات.

وبينت أبو حسان أن هناك التزامات قانونية على الدول للعمل على إيصال المساعدات الإنسانية وتيسيرها، حيث تعد اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، فضلاً عن القانون الدولي العرفي، هما الأساس القانوني لتوضيح آليات إرسال المساعدة الإنسانية، إذ تقتضي هذه الاتفاقيات بأنه يجب على الدول أن تتسم بعدم التحيز، لتتم الموافقة على تقديم المساعدة الإنسانية، وأن تجري دون أيّ تمييز مجحف، في حين أنّ القصور في القيام بذلك قد يؤدي إلى حدوث مجاعة، وقد وسِع نطاق هذا الالتزام مع تطور القانون الدولي العرفي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة، إلى حد أنّ الدول لديها الآن التزام بقبول المساعدة الإنسانية، وتيسيرها في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية على حد سواء، حتى لا يهدد رفض هذه المساعدة حياة السكان المدنيين، مع ضرورة الإشارة إلى أن الهجمات العنيفة، تتسبب بمقتل وجرح عدد كبير من العاملين في مجال الغوث الإنساني، وهذه الهجمات وغيرها من القيود تحد من قدرة وكالات الغوث الإنساني على توفير المساعدة للمحتاجين، مما يعني أنّ ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم يُحرمون من الاحتياجات الأساسية للإنسان.

المومني: خطة عمل فورية استجابة للأزمة الإنسانية

وبشأن دور العالم في الاستجابة الإنسانية في غزة، قال المستشار القانوني معاذ المومني إنه لا بد أن تعمل الدول المشاركة في المؤتمر على تكثيف جهودها الإنسانية تجاه ما يحدث في غزة، وهذا الواجب نابع من القيم الإنسانية، بالإضافة إلى ما ورد في ميثاق الأمم المتحدة، من ضرورة التضامن والتكاتف والتعاون الدولي، من أجل تجاوز الأزمات الإنسانية، وقد تجسد ذلك بموقف الأردن اليوم، ودوره الجوهري والمحوري في هذا المؤتمر، سيما أن الأردن ممثلا بجلالة الملك الذي عمل على حشد المواقف الدولية للدعم والوقوف إلى جانب الأشقاء في غزة وفلسطين.

المستشار القانوني معاذ المومني

وأكد المومني أن جهود جلالته تمثلت بحرصه الدائم على المطالبة بالإيقاف الفوري للحرب على غزة، وبسبب تأثر الأردن بقضايا اللجوء في المنطقة، أصبح الأردن مدركًا لمعنى ضرورة التعاون الدولي مع كافة القضايا والأزمات الإنسانية التي يمر بها الإقليم، ويمكن القول إن مخرجات المؤتمر قد تندرج تحت إطار أن يكون هناك خطة عمل فورية، تستجيب للأزمة الإنسانية التي يمر بها قطاع غزة.

الجازي: ضرورة العمل على استئناف تمويل “الأونروا”

د. عمر الجازي – قانوني ومحكم دولي

على صعيد متصل، أوضح القانوني والمحكم الدولي د. عمر مشهور الجازي أن مؤتمر الاستجابة الإنسانية للكارثة في غزة، هو مؤتمر دولي إنساني، يعقد لمحاولة القيام بالاستجابة الإنسانية الطارئة لدعم القطاع، والذي يأتي في ظل هذه الأزمة غير المسبوقة، بهدف تحديد سبل الاستجابة الإنسانية للكارثة، وتحديد الخطوات العملية والعملياتية واللوجستية، لوقف نزيف الدم هناك، ويأتي هذا ضمن الجهود الأردنية المتواصلة لإغاثة القطاع.

وأشار الجازي إلى إن هذا المؤتمر يأتي في ظل التصعيد المستمر للعدوان الصهيوني على غزة، وبالأخص على جنوب القطاع، ومن جهة أخرى تبرز المخرجات المتوقعة من المؤتمر، التي تتمثل بإعادة فتح معبر رفح الذي يعد شريان القطاع، واستئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، في ظل تعنت الكثير من الدول في مواقفها ضد الوكالة، وإيجاد آلية لتصبح هذه المخرجات قابلة للتنفيذ والتطبيق على أرض الواقع.

الخلاصة.. الأنظار تتجه نحو المؤتمر

لا بد من القول أن الأنظار والآمال العربية والدولية والإنسانية تتجه نحو المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية لغزة، لما سينتج عنه من قرارات حاسمة. ستكون هذه القرارات بمثابة إعادة لنبض الحياة في القطاع، والتمهيد للانتقال إلى مرحلة جديدة تتمثل في إعادة إعمار القطاع. ويتمثل الهدف من ذلك في المساهمة في إرسال الاحتياجات الأساسية لأهل غزة، خاصةً مع انتشار الأوبئة والأمراض بشكل متزايد، وتوسع رقعة المجاعة في قطاع غزة.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version