نخبة بوست – وفاء صبيح، رولا أبو رمان، أماني خماش


عندما نتحدث عن رجال الدولة، نقف قليلاً لنتأمل من بقي منهم ممن يستحق اللقب؛ الأعداد ليست كبيرة، ولكننا اليوم نبحث عن كلمات الخبرة وكلمات السياسيين الأردنيين من طراز محمد داودية.

محمد داودية “أبو عمر” تقلّد عدة مناصب مهمة بالدولة، منها وزير الشؤون السياسية ووزيرالشؤون البرلمانية ، وزير الشباب، ووزير الزراعة، وسفير لأكثر من مرة، وعضو في مجلسي الأعيان والنواب، كما شغل أيضاً عدة مناصب أخرى، نذكر منها – على سبيل المثال لا الحصر – مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في الديوان ورئيس مجلس إدارة جريدة الدستور.
أبو عمر؛ لديه خبرات ومسميات كثيرة، لكن أحب وأقرب الألقاب إلى قلبه هو لقب “الكاتب” كيف لا؟ وهو من عشق الكتابة وتمرّسها لسنوات.

كان لا بد لنا عبر منبر “نخبة بوست” أن نتحدث معه، خصوصاً وأننا نحظى بفريق شبابي يبحث اليوم عن هذه الخبرات؛ نحن هنا في صالون الاثنين لنتعرف عن كثب على معالي “أبو عمر”.

الاستعدادات الشعبية للانتخابات النيابية “غير مستقرة”

في بداية الحوار، تطرق داودية إلى الحدث المرتقب على الساحة المحلية وهي الانتخابات النيابية المزمع عقدها في 10 أيلول المقبل قائلاً: “إن الاستعدادات الشعبية للانتخابات المقبلة مشوبة بالفوضى، واصفاً الحالة الراهنة بأنها غائمة وغير مستقرة كما تكاد تكون محفوفة بكثير من الشكوك”. وهنا تساءل داودية: “هل ستوفق الأحزاب باختيار مرشحيها على أسس موضوعية دون تدخل أي عوامل أخرى من ذوي المال الأسود أو تأثر بالعلاقات الشخصية؟”

وقال داودية إننا نترقب بحرص نجاح التجربة الانتخابية الحزبية المقبلة، إلا أن التجربة سيشوبها بالطبع بعض التلف في البداية، وذلك تمهيداً للعمليات الانتخابية المثالية في السنوات المقبلة، حيث سنشهد خلال الانتخابات المقبلة ما يسمى بالترشح عبر “منصة الحزب” وهو لون جديد وتجربة محفوفة بالمخاطر والأخطاء.

على صعيد متصل، شبه داودية عملية الانتخابات بالأوراق الصحفية المتلفة قبل عملية الطباعة، وأوضح أنه عند إنتاج الجرائد الورقية يتم إتلاف “الوجبة الأولى” من الورق حتى يتم الوصول إلى الصيغة المناسبة، مؤكداً أننا لا نريد أن تكون “الوجبة الأولى” بعد الإصلاحات والتحديثات السياسية والقوانين الجديدة “تالفة”، وهو أمر مخيف إذ أننا مقبلون على استحقاق دستوري هام ومحوري.

وتابع داودية أن العملية الانتخابية في الأردن أجريت خلال الأعوام الماضية في ظل ظروف حرجة مثل الربيع العربي وجائحة كورونا وغيرها من الظروف، لكن بالرغم من ذلك تم إجراء الانتخابات آنذاك ولم تكن هذه الظروف عائقاً أمامنا، وأرجع ذلك إلى وجود مؤسسات أردنية قوية وقادرة على إدارة الانتخابات بكفاءة ونزاهة.

وحول قانون الانتخاب الجديد، قال داودية إن كل القوانين في العالم لها إيجابيات وسلبيات، ومن وجهة نظره، قانون الأحزاب والانتخابات هي قوانين “إصلاحية” تحاول تأصيل المرحلة، لتوفير بيئة سياسية جديدة للشباب والمرأة.

أول من أثار وطرح مسألة الكوتا في الأردن منذ عام 1989 إلا أنها رفضت حينها من قبل النساء ولم تنجح أي منهن آنذاك

وأشار داودية إلى أن الأمر مختلف حالياً في مسألة تعبير المرأة والشباب والقوى الأخرى عن نفسها، ويأمل أن يكون التعبير متفقاً مع تطلعات الناس ومشاريعها ومتطلباتها.

لدينا تركيبة غريبة في الأردن تتمثل بـ “ثنائية القبة والشارع”، بمعنى أن المواطنين ينتخبون ممثليهم في مجلس النواب وفي اليوم التالي يعتصمون لإسقاط البرلمان!؟

وفي هذا الصدد، استذكر داودية حكومة هاني الملقي بأنها كانت “ممتازة” لكنها سقطت من قبل الشارع، مع أن المفروض أن يسقطها البرلمان من خلال حجب الثقة عنها، وأرجع داودية سبب إسقاطها من قبل الشارع إلى أن قبة البرلمان لم تحقق تطلعات للمواطنين في ذلك الحين، مما دفعهم لأخذ خطوة التغيير بأنفسهم.

نسبة المشاركة في الانتخابات وسط عائق مكان السكن

وحول نسبة المشاركة في الانتخابات، قال داودية إنها ستكون “ضعيفة” بشكل عام والمطلوب هنا “حوافز” لرفع حجم المشاركة السياسية، لافتاً إلى أن جلالة الملك أوصى بجملة من الأنظمة القانونية والإصلاحات والتي نأمل أن تعزز المشاركة في الانتخابات المقبلة.

القاعدة تقول: كلما زادت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات تقلص تأثير “المال الأسود” وزاد عمق التمثيل البرلماني

وأضاف داودية أن المشاركة في الانتخابات المقبلة ستعتمد على حوافز أخرى، تتمثل في وجود المرشحين المناسبين، المؤثرين والمقنعين للشارع، إضافة إلى تعزيز القيم النزيهة والوطنية والأخلاقية، مما يشجع الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع.
وقال داودية إن “البرلمان السيء يصنعه الناخبون الجيدون الذين لا يذهبون إلى صناديق الاقتراع”، في إشارة إلى أهمية المشاركة السياسية لنجاح العملية الانتخابية.

وبيّن داودية أن نسبة المشاركة الانتخابية في المدن مثل عمان والزرقاء وإربد ستكون منخفضة بعض الشيء، بينما ستكون مرتفعة في الأرياف والقرى، حيث تلعب علاقات القرابة وروابط الدم واحتكاك الناس مع بعضهم دورًا في زيادة نسبة المشاركة في القرى، لافتاً إلى أن وجود الأحزاب سيسهم دون شك برفع نسبة المشاركة في الانتخابات، لكنها ستكون بنسب طفيفة وليست بارزة بحسب رأيه.

على صعيد متصل، أشار داودية إلى أن مسألة اعتماد مكان الإقامة في عملية الانتخاب تُعد تحديًا جديدًا في الانتخابات المقبلة كما ستؤثر على نسبة الاقتراع باعتبارها ستقيّد الحصول على أصوات بعض الناخبين، على سبيل المثال، الناخب الذي من الطفيلة ويسكن في عمان لن يتمكن من التصويت في الطفيلة وسيضطر إلى التصويت في عمان والعكس صحيح.

وعندما سُئل أبو عمر عن الحزب الذي سيصوت له، كان جوابه واضحاً بأن الحزب الذي يُقدم مرشحين مناسبين ومقنعين هو من سيصوت له، وذكر على سبيل المثال الدكتور أسامة تليلان من ضمن الأسماء التي ستحظى بتأييده ودعمه في حال أدرج اسمه على قائمة الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

وحول تركيبة المجلس الجديد، أشار داودية إلى أن نسبة عودة النواب القدامى دائمًا مرتفعة بنسبة تصل إلى 60%، وخاصةً أن النواب القدامى هم نفسهم سيكونون أعضاء في الأحزاب ولديهم علاقات وتجارب سابقة، إلا إذا كان هناك نائب “صامت غير كفؤ”.

ليس لدي أي مشكلة بعودة النواب القدامى للمجلس، شريطة أن لا يتم استخدام “المال الأسود” ؛ ويجب أن يكون الانتخاب مبنيا على قاعدة وطنية وليس جهوية

في حوار شامل لـ "نخبة بوست" مع العين محمد داودية: حكومة الخصاونة ناجحة؛ والتجربة الحزبية محفوفة بـ "المخاطر"

نشاطه الحزبي وفكرة تشكيل تيار سياسي جديد

وفيما يتعلق بنشاطه الحزبي وانتمائه لحزب معين، بين داودية أنه مارس النشاط الحزبي منذ بداياته وعندما كان سرياً، لكن لا بد من القول إن الأردن من الشعوب غير المتحزبة والمرحلة القادمة عنوانها الأبرز هو “التحزب واجب على كل مواطن”.

وفي قراءته للمشهد الحزبي وسبب عدم انضمامه لأي حزب، قال داودية إن الوضع الراهن لا يشجع على الانضمام للأحزاب، لا سيما وأن المتصدرين للعمل الحزبي حالياً هم غير الحزبيين، وذلك سيكون له تداعيات ستفضي بوقوعهم في اخطاء جمة، لاسيما أنه ليس لديهم صلة بالقاعدة الانتخابية.

وأضاف أن بناء الأحزاب يستغرق عشر سنوات، يتخلل هذه الفترة العمل على بناء هرموني وتناغم مع القاعدة الانتخابية، ولتحقيق هذه الحالة يجب أن يتمتع الحزب الواحد، بوحدة الرأي والتفكير والحركة فالمواد اللاصقة ليس لديها القدرة على بناء الأحزاب.

وفي هذا الصدد، كشف داودية عن وجود نية لتشكيل تيار سياسي جديد لكن بعد إجراء الانتخابات النيابية، وسيضم هذا التيار مجموعة تطلق على نفسها “حرّاس الوحدة الوطنية” وهم مجموعة أشخاص وطنيون اتخذوا من الوحدة الوطنية نبراساً لهم ويسعون إلى الانخراط تحت مظلة “حزب وطني حداثي تقدمي”.

وعرّف داودية عن أعضاء الحزب الجديد، بأنهم مجموعة كبيرة تعتقد بأن الشعب الأردني سيخرج بأحزاب مختلفة بعد هذه المرحلة، حيث دفعت هذه الانتخابات بعض الأحزاب للاندماج والتنسيق مع أحزاب أخرى، لتجاوز “العتبة”، حيث شكلت عدة أحزاب قائمة مشتركة فيما بينهم.

من ناحية أخرى، أشار داودية إلى أن الأحزاب الدينية مثل “الإخوان” تستمد قوتها من ضعف الأفراد والمثال الأقرب على ذلك، انتخابات الجامعة الأردنية، فالمتحزبون الإسلاميون ذهبوا باتجاه التصويت لحزب العمل الإسلامي وانتخابهم، وقد نجحوا بذلك، فكان لديهم تكتيكات صحيحة، أتوا إلى كلية الطب ونزلوا بأربعة قوائم، وتكللت هذه التجربة بالنجاح.

وحول تسلمه حقيبة التنمية السياسية، أوضح داودية أنه من أسس هذه الوزارة لكنه واجه خلال عمله بها “قوى عاتية” حالت دون تقديم مشروعه، حيث كان هناك مقاومة كبيرة للتنمية السياسية في تلك الفترة، لكن الآن عنوان المرحلة الراهنة هو التماثل الكبير للأفراد ببرامج الأحزاب وهذا يفضي بالذهاب نحو الارتقاء بالعمل الحزبي.

وجد نفسه في وزارة الشباب فالعمل معهم حيوي ومنتج، ويقع ضمن إطار العمل الجماهيري، فالشباب لهم طموحاتهم وأحلامهم، ومشاكلهم تختلف عن مشاكل الأحزاب والمزارعين

لكن بالرغم من تقلده مناصب عديدة إلا أن وصف الـ “كاتب” هو الذي يمثله بشكل أكبر، فهو شخصية اتصالية، وبدايته كانت في المجال التعليمي، والكتابة شكل من أشكال الاتصال، لذا واظب أبو عمر على الكتابة بشكل يومي منذ عام 1977 وينشر كتاباته في جرائد عديدة.

حكومة الخصاونة نزيهة وناجحة

وعندما تحدثنا مع أبو عمر حول تجربته مع حكومة الدكتور بشر الخصاونة، أكد لنا أنها كانت تجربة ناجحة جداً لافتاً إلى أن رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة شخصية متميزة، ومن القادة الأردنيين الذين يتمتعون بالنزاهة، إذ لم تكن هناك أي قضايا فساد في هذه الحكومة حيث عمل بجد لمكافحتها، مضيفاً أن الخصاونة يتمتع بمزيج من الفطنة الاقتصادية والسياسية والقانونية والاجتماعية ، ومع ذلك، يجب القول أنه يعاني من مشكلة مع وسائل الإعلام فهو مُقل بالظهور الإعلامي.

أجهزتنا الأمنية حاجز منيع للهجمات الإرهابية

ضمن المحور الآخر من حديثنا مع داودية تطرقنا إلى الاستهدافات التي يتعرض لها الأردن، حيث أكد لنا أن للأردن هدف استراتيجي واحد وهو تحرير الضفة الغربية وحماية القدس. ثم اصطدمنا بتحدي آخر وهو مواجهة الإرهاب ومكافحته. ثم جاء تحدي آخر وهو التحدي المذهبي الذي فرضته الثورة الإيرانية والتي تحتل عواصم عربية.

وقال داودية إنه إذا كانت إسرائيل تحتل عاصمة عربية واحدة، فإن إيران تحتل 4 عواصم عربية سواء بتواجدها في كل من سوريا والعراق واليمن وجزء من غزة وتتحكم بالقرار السياسي والاقتصادي فيها، بالإضافة إلى دخول المطامع التركية، إذ أن تركيا تحتل حوالي 10 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي العراقية وتحتل جزءًا من سوريا.

نسبة استهداف الإرهاب للأردن منخفضة؛ لأن جهازنا الأمني صلب ومنيع لديه خبرة طويلة؛ فالعالم يعتبر الأردن بنكاً للوصول لأهدافه في مكافحة الإرهاب


وأشار داودية إلى أن الأردن عانى عبر تاريخه من التهديدات الإرهابية بحكم موقعه الجيوسياسي المؤثر، وأكد أن من يحمي الأردن من هذه الهجمات المتطرفة هو “الرشد والعقلانية” لدى القيادة الهاشمية البناءة ولدى الشعب الأردني الذي لا يتصف بالعنف.

وحول ما يملكه الأردن للرد على استهداف الإرهاب، قال داودية إن الأردن يملك عناصر القوة الضخمة، إذ أن لدى الأردن “شيفرة” خاصة وصلابة وترابط داخلي، مشيداً بأجهزتنا الأمنية والمخابرات والدفاع المدني، كل هذه العناصر مجتمعة أفشلت “القوى الطامعة” في بناء رأس جسر وخلايا نائمة لهم داخل الأردن.

وفي معرض حوارنا مع داودية، انتقلنا للحديث عن تقييمه للرواية الإعلامية الأردنية وفي هذا الصدد قال “إن المعركة في كل العالم اليوم هي معركة “الوعي” الذي يتم اكتسابه عبر الإعلام”، والذي وصفه بأنه من أخطر وأقوى الأسلحة؛ مضيفاً بأن الأردن تمكن من فضح الرواية الإسرائيلية خلال أحداث 7 أكتوبر من خلال تعاطي الإعلام معها، ناهيك عن تصريحات جلالة الملك والملكة، وولي العهد، ورئيس الحكومة، فالجميع خاض معركة خلال الفترة الراهنة بوساطة الإعلام؛ إلا أن داودية انتقد أيضاً وجود التقصير والتأخير في التعاطي مع بعض القضايا الملّحة عبر وسائل الإعلام الرسمية، مما يتسبب بنشر الشائعات وتزييف الحقائق.

وبشأن تأخر الرواية الإعلامية الرسمية عن المواطن وبطء إطلاعه على حقيقة الأمر، بين داودية أن الإعلام لا يمكن تركه فارغاً، لأن الفراغ من المعلومات الدقيقة، سيملأ بالشائعات والأخبار المضللة.
على الجهات الرسمية ألا تغيب روايتها لوقت طويل، بل يجب أن تسارع بتوضيح حيثيات الواقعة، عبر إصدار بيان يلتزم بالأسس المهنية، وذلك منعا لانتشار البلبلة بين المواطنين

وشدد داودية على ضرورة الارتقاء بالرواية الإعلامية لتكون حاضرة في قلب الحدث، وهذا يعد مسؤولية الحكومة، فعليها أن توفر مركز استجابة سريعا ودقيقا، لافتاً إلى وجود محاولات لبناء هذه المراكز وهي تحتاج إلى الكثير من التطوير.

حرب غزة.. طويلة الأمد

وعند الحديث عن حرب غزة؛ توقع داودية حرباً طويلة الأمد قائلاً: “أنه للآن لا يوجد حل يلوح في الأفق يوحي بإنهاء الحرب على غزة، والسيناريو الأقرب هنا هو إطالة عمر العدوان لنحو عامين، ويعود ذلك للتعنت الكبير من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية الإرهابي بنيامين نتنياهو، علاوة على إجماع المجتمع الإسرائيلي على استمرار الحرب، لا سيما أن بعض عوائل الأسرى تؤيد الخيار ذاته، وهذا الإصرار يأتي بسبب ما مني به الجيش الإسرائيلي من هزائم”.

وأضاف أن المقاومة ألحقت عاراً كبيراً بالكيان، إلى حد أن الأجهزة الأمنية والعسكرية باتت عاجزة عن حماية مواطنيها، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن عائلات الأسرى التي تخرج للشارع مطالبة بعودة أبنائها، وإنهاء الحرب، لا تتجاوز نسبتهم 1% من المجتمع الإسرائيلي، ولا يمكن أن يحدثوا أي تأثير على المجتمع، فالذي يدير الحرب الآن هي روح الانتقام القاسية لدى الشعب اليهودي ولا يوجد شيء قادر على لجمها.

معركة إسرائيل مع حزب الله.. تصعيد مدروس

وعن إمكانية دخول إسرائيل حرباً أوسع مع حزب الله في لبنان؛ أشار داودية إلى أن التصعيد سيكون محدوداً ومدروساً ومخططاً له بعناية لتحقيق الهدف المنشود، والمتمثل بإنهاء عزلة إسرائيل، فما يحدث في لبنان له مآلات مختلفة، من ضمنها أن إسرائيل تعمل على تصعيد وتيرة الحرب، وفي المقابل بدأت أمريكا تتململ من إمداد الاحتلال بالأسلحة اللازمة، بالإضافة إلى سعي نتنياهو الدائم للخروج إلى العالم برداء الشخص المظلوم، مدعياً أنه محاط بالأعداء من عدة جبهات.

وفي السياق ذاته؛ لفت داودية إلى الدور الإيراني في هذه الحرب، فبحسب رأيه إيران لن تضحي أو تفرط بـ “الأوزة التي تبيض لها ذهباً” وهي حزب الله، فالحرب تخضع للحدود المرسومة من قبل الفرنسيين والمصريين لإدارة المناوشات بين حزب الله وإسرائيل، ويجدر القول إن زمام المبادرة في يد إسرائيل، فهي استهدفت ما يقارب 400 من عناصر حزب الله، والأخير اقتصر دوره على الرد وليس الهجوم.

حزب الله وإيران يعلمان بأن هناك قوى لبنانية أخرى غير القوى المسلحة المذهبية، لا تقبل بتدمير لبنان.
وتابع داودية حديثه قائلاً “إن لبنان وإسرائيل انخرطا باستهداف متبادل، واستطاعت الأخيرة إلحاق الضرر في لبنان، وفي هذا المشهد هناك قوى لبنانية تطالب بعدم تحويل لبنان إلى غزة جديدة، فإيران تعلم جيداً حدود وقدرات الاشتباك، والمناطق التي قصفت من قبل حزب الله، مفرغة من المستوطنين، مما أدى إلى موجة نزوح إسرائيلية كبيرة، مما كان له تداعيات اقتصادية كبيرة على المحتل”.

إسرائيل لا تأبه بخسائرها البشرية، ولن يكون لذلك أي تأثير في صنع القرار، فالدم اليهودي ليس غالياً كما يشاع


وأشار داودية إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دوراً كبيراً في دعم إسرائيل، بدءاً من دور الكونغرس الأمريكي الذي عمل على تخصيص ما يقارب 26 مليار دولار لإسرائيل، مروراً بإمداد إسرائيل بالأسلحة والتعويض البشري الذي فاق حاجة الكيان، وصولاً إلى ما وفرته أمريكا من حصانة سياسية دبلوماسية في مجلس الأمن للاحتلال.

واختتم داودية بقوله إن كل محتل سيواجه مقاومة من قبل أصحاب الأرض الذين يقدمون تضحيات جساماً للعمل على إزالة المحتل ومن أجل نيل الحرية، ومشهد طوفان الأقصى سيتكرر وسيكون هناك طوفان ثان وثالث ورابع، وذلك سيستمر حتى تجلس القيادتان الفلسطينية والإسرائيلية على طاولة المفاوضات، للاتفاق على صيغة محددة، تفضي إلى طرح حل سلمي ينهي هذا النزاع.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version