الناصر:بالرغم من كل التحديات؛ قطاع المياه في الأردن ذو “حصانة” ويلبي احتياجاتنا

  • الوضع الاقتصادي الراهن يعكس التحديات الداخلية والخارجية
  • آداء حكومة الخصاونة “متواضع” والدليل المؤشرات الاقتصادية
  • قرار تخفيض عدد المقاعد المسيحية في محافظة البلقاء “غير موفق”
  • البلديات أساس ونواة التنمية الاجتماعية في الدولة
  • الأحزاب لديها تحديات بجلب شخصيات جديدة
  • كل مواطن اردني هو رجل دولة
  • خدمة الدين ستصل إلى 2 مليار خلال العامين المقبلين
  • سنشهد منافسة داخل الحزب الواحد بسبب قانون الانتخاب الجديد
  • لا اعتقد أن المجلس النيابي الجديد سيكون مختلفا عن سابقيه
  • المزارعون هم “الجيش الأخضر” الذي حمى المملكة من أزمة غذاء خلال “كورونا”
  • الظروف الإقليمية لا تساعد على تنفيذ مشاريع مائية عابرة للدول

نخبة بوستوفاء صبيح، رولا أبو رمان، أماني خماش

عُرِف الدكتور حازم الناصر بين الأردنيين بأنه المتخصص الأول في مجال المياه بالمملكة، لدرجة أن البعض أطلق عليه لقب “أبو المياه”، إضافةً إلى ذلك، يُعتبر الناصر خبيراً في الزراعة والاقتصاد والإدارة، حيث تولى حقيبة وزارة المياه في عدة حكومات وكان أيضاً وزيراً للزراعة وعضوا في مجلس النواب عام 2007.

الناصر؛ شخصية متقدمة علمياً، ساهمت في تعزيز البنية التحتية المائية في الأردن على الرغم من أننا نعد من أفقر الدول عالمياً في مجال المياه – إن لم نكن الأفقر- لكن وفي ظل هذا الواقع الصعب إلا أن الوضع المائي في المملكة مستقرا وليس سيئاً اليوم، وذلك بفضل الخطوات والحلول العملية التي قدمها الناصر والإنجازات التي تحققت على أرض الواقع من خلال تنفيذ مشاريع مبتكرة مثل حوض الديسي والسدود وغيرها.

صالون “نخبة بوست” يجري اليوم حواراً شاملاً مع الناصر والذي نسعى من خلاله إلى تسليط الضوء عن كثب على قضايا هامة في قطاعات الاقتصاد، المياه والزراعة علاوة عن اكتشاف جوانب أخرى متميزة من شخصية الناصر غير تلك المتعلقة بالمياه.

التحديات الوطنية زادت من صعوبات الوضع الاقتصادي

في إطار المحور الأول من حديثه، قدم الناصر قراءة دقيقة للوضع الاقتصادي الراهن في المملكة والذي وصفه بأنه ما زال “متواضعاً”، حيث أشار إلى أن تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تتوقع نمواً اقتصادياً للأردن في العامين القادمين يتراوح بين 2.4% إلى 2.5%، ووصف الناصر هذا النمو بأنه “ضعيف” بكل المقاييس، مشيراً إلى أنه يعادل حجم النمو السكاني.

وأكد الناصر أن هذا النمو المحدود لن يسهم في خلق فرص عمل جديدة بما يتناسب مع عدد الباحثين عن عمل، ولن يساهم أيضاً في تقليل معدلات الفقر في الأردن، حيث تظل هذه المعدلات مستقرة عند نحو 33%، مضيفا أن الوضع الاقتصادي الحالي يعكس التحديات الكبيرة الداخلية والخارجية التي تؤثر على المنطقة، بما في ذلك الأزمات مثل الحرب على غزة وغيرها من التحديات.

وبحسب الناصر، فإن التحديات الوطنية أيضاً قد زادت من صعوبات الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى حجم ديون المملكة الذي وصل إلى 33.5 مليار دينار، بالإضافة إلى صعوبة خدمة هذه الديون التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة تصل إلى 39% في العامين القادمين، وقد تصل إلى 2 مليار دينار أردني خلال هذه الفترة، مما قد يقلل من فرص تنفيذ المشاريع الرأسمالية الوطنية.

وأوضح أن التحديات الاقتصادية الأخرى تشمل ملفات ساخنة مثل البطالة، الفقر والدين العام، وهي قضايا كانت موجودة قبل بدء رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها جلالة الملك، والتي وصفها الناصر بأنها شاملة ومتكاملة من حيث المقاييس والأهداف والبرامج الاقتصادية، بما في ذلك جذب الاستثمارات والخدمات العامة الأخرى التي تقدمها الحكومة الأردنية للمواطنين، لافتا إلى أن برنامج التنفيذ الذي كُلفت به الحكومة “متواضع” ولم يصل إلى مستوى التوقعات من حيث التنفيذ.

التجربة الحزبية تشوبها بعض التعقيدات

فيما يتعلق بالتجربة الحزبية، أكد الناصر أن هذه التجربة قد بدأت حديثاً وسيتم تقييمها خلال الأعوام القادمة، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالانتخابات النيابية والكوتا التي منحتها الدولة للأحزاب، والتي تشمل حوالي 41 مقعداً في الدورة القادمة للبرلمان.

وعبر الناصر عن رأيه في تخصيص 41 مقعداً للأحزاب في الانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أن هذا العدد كبير بالنسبة لأول تجربة حزبية في الأردن، مما قد يؤثر على قدرة الأحزاب التي شكلت حديثاً وستشكل في المستقبل على المنافسة، كما توقع أن يؤدي هذا العدد إلى تنافس شديد على اختيار الأفراد الذين سيتم ترشيحهم في هذه القوائم.

وأشار إلى التحديات التي تواجه الأحزاب، مثل صعوبة جذب شخصيات مؤثرة في المجتمع الأردني والتي لها إنجازات ملموسة، معتبراً أن هناك تعقيدات في عملية تشكيل قوائم الانتخابات وفقاً للتعليمات التنفيذية للهيئة المستقلة للانتخاب، مضيفا أن الدعم المستمر للمرأة والشباب ضروري، إلا أن الحاجة الأساسية تكمن في وجود شخصيات وطنية بارزة، لديها خبرات وثقافة متميزة.

وبالنسبة للتحدي الآخر، فإن الناصر أشار إلى قانون الأحزاب الذي فتح المجال للمنافسة داخل الحزب نفسه، حيث يتنافس الأعضاء على المقاعد في القوائم الانتخابية، مما قد يؤدي إلى مشاكل ما بعد الانتخابات النيابية، مع توقعه لحدوث انسحابات واضطرابات داخل الأحزاب.

وفي سياق التجربة الديمقراطية، تحدث الناصر عن كوتة الأحزاب، معتبراً أنها يجب أن تكون بأعداد أقل وتتدرج، من أجل الحفاظ على استمرارية وفاعلية هذه الكوتات وتنفيذ توجهات جلالة الملك السياسية والاقتصادية.

وعندما سئل عن توقعاته للمجلس النواب القادم، أوضح الناصر أنه لا يتوقع أن يختلف المجلس القادم عن سابقيه من حيث الكفاءة والأداء، وأضاف أن تشكيل حكومة حزبية في المجلس القادم قد يؤدي إلى خلافات مع الحكومة حول الأدوار وعدم تفاهم معتبراً أنها تجربة جديدة للأردن، ودعا إلى دعم هذه التجربة لتجنب أي انزلاقات قد تؤدي إلى الفشل.

مصطلح “رجال الدولة” لا يقتصر على من يتبوؤن المناصب السياسية وحسب، إنما يشمل جميع المواطنين الأردنيين الموالين والمنتمين للدولة ونظامه السياسي

الزراعة الأردنية تمثل نقطة حاسمة في تاريخنا وأنا متفاءل في مستقبلها

الناصر:بالرغم من كل التحديات؛ قطاع المياه في الأردن ذو "حصانة" ويلبي احتياجاتنا

ضمن محور الحديث عن القطاع الزراعي؛ أشار الناصر إلى أنه قطاع مهم واستراتيجي  قائلا “بالرغم من أن حجم مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي لا تتخطى الـ 3% إلا أن نسبة مساهمته غير مباشر تصل في بعض الأحيان إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي”.

وفي ذات الصدد، أثنى الناصر على دور وجهود المزارعين في الزراعة الوطنية واصفا إياهم بـ “الجيش الأخضر” باعتبارهم لعبوا دورًا رئيسيًا وحيويًا في الحد من وقوع أزمة غذاء بالمملكة خلال جائحة “كورونا” وذلك جراء تأثير انقطاع سلاسل التوريد والنقل والحصاد والاستيراد خلال تلك الفترة.

وحول التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي، أوضح الناصر وجود العديد من القضايا المرتبطة في هذا الجانب أبرزها إغلاق الأسواق الزراعية المجاورة للأردن، مما أدى إلى تقليص خيارات تصدير المنتجات الزراعية إلى ممر الخليج فقط وعدم القدرة على التهديد من خلال سوريا وتركيا، حيث شهدت هذه الأسواق نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى ذلك، يواجه المزارعون الأردنيون تحديات كبيرة أدت إلى انخفاض مساحات الأراضي الزراعية بنسبة تصل إلى 10% خلال السنوات الثلاث الماضية.

ولفت الناصر إلى أن المزارعين الأردنيين واجهو هذه التحديات عبر التأقلم وتنويع الإنتاج الزراعي، إذ لم يعتمدوا على محصول واحد وحسب، إنما اتجهوا نحو إنتاج متنوع يلبي احتياجات السوق المحلي مما ساهم في تحقيق حالة من الاستقرار النسبي لدى القطاع.

واضاف بدأنا نلاحظ تحولات ملموسة في قطاع الزراعة، حيث أصبحت المزارع الأردنية تعتمد وبشكل أساسي على أحدث التقنيات والتكنولوجيا الذكية التي تسهم بتحسين جودة الانتاج الزراعي وزيادة حجمه كما تسهم في أيضا في تحسين وسائل استخدام وسبل تقنين المياه.

قطاع المياه ثابت ومستقر رغم شُح الموارد

وفي معرض حديثه عن القطاع المائي بالمملكة، قال الناصر إن قطاع المياه يشكل واحدًا من التحديات الرئيسية التي يواجهها الاقتصاد الوطني، سواء من حيث الكميات المطلوبة أو إمكانية تأمينها، خاصة أن الأردن يُعتبر من البلدان الفقيرة مائيًا وتكلفة إنتاج المياه فيه مرتفعة للغاية، لافتا إلى أن  الظروف الإقليمية الراهنة تزيد من تعقيد المشهد، حيث تعيق القيام بمشاريع مائية إقليمية تمتد عبر الدول.

وفيما يتعلق بحصة توزيع المياه على المواطنين، أوضح الناصر أنه رغم زيادة عدد السكان بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 1990 – حيث تجاوز عدد السكان حاليا حاجز الـ 12 مليون نسمة – إلا أن حصة المواطن من المياه لا تزال ثابتة أو حتى تزيد عن ذي قبل، وهذا يعكس وفقا للناصر النهج الاستثماري المُتبع والبنية التحتية المنيعة التي نتجت عن إدارة متكاملة للقطاع بدعم من الحكومة الأردنية وتوجيهات من جلالة الملك.

وأشار إلى أن هذه الجهود ساهمت في تحسين بنية القطاع وتعزيز المشاريع الوطنية، بالرغم من أنه لا بد من التعاون مع الدول الأخرى لتحقيق مستوى استدامة أعلى من حيث التمويل وتطوير الموارد، لافتا إلى أن الجهود مستمرة في توفير مصادر مائية بديلة، والتي تحتاج إلى وقت لتكتمل، من خلال برنامج مائي يأتي ضمن استراتيجية وطنية وبرنامج استثماري يهدف إلى رفع كفاءة الأداء وتقليل الفاقد، وتعزيز استخدام التكنولوجيا الذكية، بالإضافة إلى استغلال المياه الجوفية العميقة التي تتوفر في جميع المناطق بتكلفة استخراج ضئيلة.

مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه من العقبة إلى عمان  تأخر رغم التوجيهات الملكية لتسريع تنفيذه وما زالت أسباب التأخير غير واضحة

وبالنظر إلى هذه الجهود الشاملة، يتمتع قطاع المياه في الأردن بمتانة تحت مظلة التخطيط الاستراتيجي الطويل الأمد، والذي يساعد على تفادي أزمات المياه المحتملة في المستقبل، ومن المتوقع أن ينعكس استخراج المياه الجوفية المزمع في السنوات القادمة على زيادة حصة الفرد الأردني من المياه المتاحة عمومًا.

ترشحه للانتخابات النيابية المقبلة “وارد”

وفيما يتعلق بانخراطه في العمل الحزبي، أشار الناصر إلى أنه حاضر في هذا المجال، فهو من مؤسسي حزب إرادة ومن أعضائه كما تبوأ أيضا منصب عضو اللجنة المركزية في الحزب.

وبحسب رأيه، فإن حزب إرادة هو الأقرب إلى المواطنين من غيره، ويعود ذلك إلى أن برامجه قابلة للتنفيذ، ولا يقدم سيناريوهات غير حقيقية أو خططًا لا يمكن تطبيقها، علاوة على تمتعه بحضور كبير على أرض الوطن، وقد كان له حضور في انتخابات الجامعات الأردنية وفاز بعدة مقاعد.

وكشف الناصر عن أن سيناريو ترشحه للانتخابات النيابية المقبلة هذا العام ممكن، إذ لا يوجد ما يحول بينه وبين فرصة خوضه الانتخابات البرلمانية مرة أخرى، لافتا إلى أنه قد يترشح ضمن قائمة يتألف أعضاؤها من مجموعة نواب سابقين، بالإضافة إلى قادة من المجتمع المدني في محافظة البلقاء، ولن يكون هناك أي إشكالات في تشكيل هذه القائمة، وهي تقع ضمن القائمة المحلية وليس الوطنية، لكن هذا السيناريو يعتمد على حيثيات المشهد، وبناءً على ذلك يُبنى على الشيء مقتضاه.

وعن تخفيض عدد المقاعد المسيحية في البلقاء، بيّن الناصر أن هذا القرار “لم يكن موفقًا” ومشابها لما حدث بمقاعد الشركس والشيشان، حيث تم تقليص عدد مقاعدهم ونقلها من الدوائر الانتخابية المحلية إلى الدائرة العامة، أو ما يُعرف بالدائرة الوطنية، حيث كان الأجدر أن تبقى هذه المقاعد في دوائرها، وأن يُترك الباب مفتوحًا للقوائم العامة الوطنية أمام المنافسة الحرة، وإذا كان هناك مواطن من هذه الفئة يستطيع أن ينافس على مستوى الوطن، لينافس دون أن تكون هناك كوتا لهذه الفئات.

والجدير بالذكر أن نقل هذه المكونات إلى القائمة العامة جعل هذه المقاعد، وبحسب التعليمات التنفيذية وتحليلها، تذهب باتجاه الأحزاب الصغيرة، وليس للأحزاب الكبيرة، حيث يعد ذلك عائقًا أمام هذه الفئة ليكون لها مشاركة سياسية أوسع على مستوى الوطن، إلا أن ذلك سيصب في مصلحة الأحزاب الصغيرة التي ستكون بها أرقام في ترشيح على الكوتا الأعلى ترتيباً مقارنة بالأحزاب الكبيرة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأحزاب الكبيرة وهندسة الترشح تفضي بأن يكون أول ثلاثة مقاعد للمرأة، وثاني ثلاثة مقاعد إحداها للمرأة، وأول خمسة مقاعد لفئة الشباب تحت سن 35 عامًا، وهذا يعد تعطيلا يعمل على وضع المقاعد المسيحية والشركس والشيشان في أسفل القائمة.

إجراء انتخابات بلدية بناء على أسس حزبية مرهون بنجاح التجربة الحزبية على مستوى الوطن

وأكد الناصر أن البلديات بشكل عام هي نواة للتنمية الاجتماعية، لكن هذا الدور لا يزال ضعيفًا ولا تقوى البلديات عليه، فالأجدر أن يتم تعزيز دور البلديات في التنمية المحلية قبل أن تدخل في نزاعات وتقسيمات الأحزاب.

واختتم بقوله إن الوصول إلى هذه المرحلة مرتبط بإعادة هيكلة قانون البلديات، والنظر في المجالس المركزية للمحافظات، وأن يتم التركيز ليس فقط على الدور التنموي والخدمات العامة، بل على العمل باتجاه الاستثمار بها.

وبحسب رأيه، فإن ما تم إنجازه في هذه المجالس كان متواضعًا، والمدن الأنسب للقيام بمثل هذه الانتخابات هي المدن الكبرى: عمان، الزرقاء، وإربد، أما التحدث عن انتخابات بلدية حزبية في محافظة صغيرة، فقد يكون أمرا ليس من الصواب.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version