* هذه الظواهر السلبية في الحملات الدعائية تطرح سؤالاً حول أهمية التشجيع على التوجه نحو الحملات الانتخابية الإلكترونية

* هل سنتجه نحو الإعلام التكنولوجي، الشاشات المضيئة في الطرقات ومواقع التواصل الاجتماعي عوضاً عن الحملات التقليدية؛ كفضاء جديد لممارسة السياسة الديمقراطية!؟

* عملية التطور السياسي تدفع باتجاه تعزيز مشاركة الشباب فيها؛ مما يعزز الوصول إلى هذه الفئة ومخاطبتها من مكان تواجدها

نخبة بوست – رولا أبو رمان

وضعت قوانين (الانتخاب والأحزاب) الجديدة خارطة طريق لتحديد مسار العملية السياسية وتنظيمها، إلا أن الهواجس والممارسات الثقافية والمجتمعية، خصوصاً السلبية منها، قد تعترض هذا المسار وتمنع تحقيق أهداف المنظومة السياسية.

ويبدو أن التفاصيل الصغيرة والدقيقة قد تعطينا مؤشراً على التحديات التي قد تواجه عملية تطوير الحياة السياسية؛ فمنذ اليوم الأول لإعلان موعد الاستحقاق الدستوري، تطرقنا في “نخبة بوست” إلى بعض هذه التحديات التي بدأت تظهر تباعاً على الساحة:

مخالفات للدعاية الانتخابية .. وتجاهل للقوانين

بدءاً من مقال يتحدث عن الخلط بين المال السياسي والمال السياسي الأسود “الرشوة الانتخابية”، ودفع مبالغ مالية لقاء مقاعد متقدمة في القوائم الحزبية، ومحاولات توطيد وإقناع الشارع الأردني للانتساب إلى الأحزاب، مروراً بمقال أشرنا فيه إلى قدرة القوانين الجديدة على تغيير ثقافة التصويت لدى الشارع الأردني، وصولاً إلى مقال يوجز اعتبارات التمثيل السياسي المتجذرة والمرتبطة بعاملي الديموغرافيا والجغرافيا.

واستمراراً لهذه التحديات، ومع بداية مرحلة الدعاية الانتخابية، أظهرت بعض الحملات الدعائية تجاهلاً للقوانين والتعليمات، حيث غزت اللافتات الضخمة والملصقات شوارع المملكة، مغطية الشواخص المرورية والتحذيرية.

عبّر مواطنون عن استيائهم لما وصفوه بـ “التلوث البصري” الذي تسببه هذه اللافتات الضخمة، حيث يؤثر ذلك على جمالية الشوارع، ويعيق حركة مرور المركبات والمشاة، ويغطي الشواخص المرورية والتحذيرية

بعض هذه اللافتات قد يشكل خطراً على أرواح مستخدمي الطرق بسبب عدم الالتزام بتعليقها في الأماكن المخصصة لها؛ مما قد يؤدي إلى نفور البعض من المشاركة السياسية، إذ إن الدعاية السيئة والمخالفة تنعكس سلباً على المرشح وعلى الأحزاب

مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي للمرشحين .. “ارحمونا”

وفي رصد لآراء مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، قال المواطن “عواد النعيمات” مخاطباً مرشحي البلقاء: “ارحمونا شوي.قسم بالله منطقة العارضة فيها بعض الشوارع من كثرة اللافتات تسبب بعدم الرؤية، مش هيك ترا. متسائلاً: شو قدمتوا لقضاء العارضة؟!

فيما كتب المواطن مراد العويدات: “بدل ما تشتري أصوات وتعلق لافتات، تبرع فيهم للفقراء وللأهل في غزة.”

أما “حنان العمري”، فقد علقت قائلة: “تمتلئ جدران وأعمدة وشوارع الزرقاء بصور المرشحين وكأنه ماراثون استعراض لافتات وصور، ليس مهماً أن تكون لافتاتكم أكبر أو أن تتبعثر صوركم في الشوارع والزقاق. فالشارع العام يبحث عن من يمثله، ومن لديه فكر وبرنامج عملي قابل للتطبيق بشكل قطعي وملامسة احتياجات ومتطلبات الزرقاويين. نريد مرشحاً يدري ويتعامل مع ما تريده الزرقاء وأهلها، ويطرح مشاكلها ويجد لها الحلول.”

بينما طالبت المواطنة “ربى أحمد” المرشحين باستبدال الطرق الدعائية التقليدية بدعاية عبر السوشال ميديا.

 بدوره، تساءل المواطن “أمجد محادين” عن مدى قدرة اللافتات في إقناع المواطن بمرشح معين.

وأخيراً، قالت المواطنة “لمى الحمامي”: “بيلبق لنا الديموقراطية!!!! إذا كان المرشحون لم يصبحوا نواباً بعد، ولا يتابعون تنظيم لوحاتهم الانتخابية ويتنافسون في التغطية على لوحات بعضهم، فمن الواضح أنهم لا يفهمون تنظيم مطالب الناس ومتابعتها.”

هذه الامتعاضات قد تنذر بإحجام الأردنيين عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، وهو أحد المعايير التي ذُكرت في المقال الذي نُشر سابقاً حول معايير نجاح مجلس النواب، والمتمثل في “حجم إيمان الأردنيين بالانتخابات ومشاركتهم الواسعة؛ بحيث تنجح الانتخابات بنسبة التصويت والاقتراع.

رغم أن قانون الانتخاب في المادة (22) نص وبالعبارة الصريحة على التعليمات التنفيذية المتعلقة بالدعاية الانتخابية، والزم المرشحين وفقاً للمادة رقم (12) بدفع تأمينات تصل إلى 500 دينار للقائمة المحلية و2000 دينار للقائمة العامة للالتزام بالأحكام المتعلقة بالدعاية، على أن يكون المبلغ مسترداً في حال عدم مخالفة القائمة تلك التعليمات، إلا أن الممارسات العشوائية للبعض حالت دون ذلك، وهذا ينذر بمسألة تعارض القوانين الجديدة مع الممارسات المجتمعية والثقافية؛ مما يؤخر مفعول جهود الإصلاح السياسي.”

شروط الدعاية الانتخابية

وفي شروط الدعاية الانتخابية حسب قانون الانتخاب لعام 2022؛ فقد نصت على  المادة 22 أ (1) على ما يلي :

وانطلاقا من دورها في اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ في سبيل ﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ في المجتمع الأردني يكون  لوزارة الأشغال العامة والإسكان أو مجلس أمانة عمان أو المجالس البلدية دورا في إزالة أي إعلان مخالف أو بيان ختامي بناء على طلب من الهئية المستقلة للانتخاب، وهذا ما جاء في المادة 22 (ب) في قانون الانتخاب والتي نصت على التالي:  للهيئة أو لرؤساء الانتخاب الطلب من وزارة الأشغال العامة والإسكان أو مجلس أمانة عمان أو المجالس البلدية وما في حكمها إزالة أي إعلان أو بيان انتخابي من أي مكان إذا وجد أنه مخالف لأحكام القانون..

كما يحظر على موظفين هذ المؤسسات وفقا للمادة 23 ما يأتي- : يُحظر على موظفي الحكومة والمؤسسات الرسمية والعامة وأمين عمان وأعضاء مجلس الأمانة وموظفيها ورؤساء مجالس المحافظات والبلديات وأعضائها وموظفيها القيام بالدعاية الانتخابية في أماكن عملهم لصالح أي من المترشحين والقوائم، كما يحظر استخدام أي من الوسائل والموجودات المملوكة لهذه المؤسسات في الدعاية

المعايطة: حياد “المستقلة للانتخاب” لا يعني عدم إبداء الرأي

بدورها، تتابع الهيئة المستقلة للانتخاب الدعاية الانتخابية بكافة أشكالها؛ سواء في الشوارع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر وسائل الإعلام، وتقوم بإزالة المخالفات والاتصال بالمرشحين في حال كانت الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتصويب المخالفة.

وفي هذا الصدد، أكد رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، المهندس موسى المعايطة، أن حياد «المستقلة للانتخاب» لا يعني عدم إبداء الرأي، مشيراً إلى أن دور الهيئة قد توسع بشكل دستوري.

وبيّن المعايطة خلال جلسة حوارية نظمها منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي تحت عنوان «الطريق إلى الانتخابات»، أن تطوير الحياة السياسية في الأردن هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود مختلف الجهات، ولا يمكن تحميلها على عاتق الهيئة وحدها.

بلغ عدد المخالفات التي رصدتها الهيئة لوحدها حين اعداد هذا التقرير نحو  2148 مخالفة دعاية انتخابية قبل وبعد بدء المدة القانونية للدعاية الانتخابية

حيث تنوعت هذه المخالفات بأشكال مختلفة (المخالفات ارتكبت عبر وسائل التواصل، اليافطات بالشوارع، نشر أخبار على مواقع إلكترونية غير صحيحة وغيرها.

هذه التجاوزات التي قد يعتبرها البعض صغيرة، إلا أنها قد تحجب العديد من المواطنين عن المشاركة السياسية، حيث تظهر المرشح الذي ستناط به وظيفتا التشريع والرقابة على عدم تحمله المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقه، وتجاوزه القوانين قبل وصوله إلى القبة، وبالتالي يصبح التمثيل في البرلمان انعكاساً لهذه الفوضى.

تجربة الدعاية الانتخابية 2024 وتساؤلات عن تعديل قانون الانتخاب

بالنظر إلى الممارسات التي تم رصدها أعلاه، يتعين على أصحاب العلاقة إعادة ترتيب أوراقهم في الانتخابات القادمة للمجلس الواحد والعشرين وما يليه، لاسيما أن التوجه نحو إجراء تعديلات جديدة على قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين، وتشديد العقوبات فيهما، قد يكون الخيار القادم.

وإذ نصت المادة 84 من الدستور ضمن البند (3) تصدر قرارات كل من المجلسين بموافقة ثلثي أصوات الأعضاء إذا كان القرار متعلقاً بالقوانين الناظمة للانتخاب والأحزاب السياسية والقضاء والهيئة المستقلة وديوان المحاسبة والنزاهة ومكافحة الفساد، والجنسية والأحوال الشخصية، وتطبق أحكام هذه الفقرة اعتباراً من مجلس الأمة التالي للمجلس الذي يقر إضافتها.

للهيئة المستقلة للانتخاب حق إبداء الرأي على أي مقترح قانوني متعلق بالعملية انتخابية أو بالاحزاب. وفقا للمادة رقم (19) في قانون الهيئة والتي تنص على: للهيئة إبداء الرأي في أي اقتراح بمشروع قانون أو نظام ذي علاقة بأي عملية انتخابية أو بالاحزاب وتقديمه الى مجلس الوزراء.

هل سنتجه نحو الدعاية الإلكترونية ؟!

هذه الظواهر السلبية في الحملات الدعائية تطرح سؤالاً حول أهمية التشجيع على التوجه نحو الحملات الانتخابية الإلكترونية (الإعلام التكنولوجي، الشاشات المضيئة في الطرقات، مواقع التواصل الاجتماعي) عوضاً عن الحملات التقليدية، كفضاء جديد لممارسة السياسة الديمقراطية.

وخاصة أن عملية التطور السياسي تدفع باتجاه تعزيز مشاركة الشباب فيها؛ مما يعزز الوصول إلى هذه الفئة ومخاطبتها من مكان تواجدها.

إذ تعتبر الحملات الدعائية التقليدية تكاليفها باهظة نوعاً ما مقارنةً بالوسائل الإعلامية والاتصالية عبر الإنترنت، كما أن مستوى فاعليتها قد يكون أعلى؛ وهي ما تنسجم مع التجارب الدولية والتي تحولت الى الدعاية فقط عبر الاعلام بأشكاله؛ وخصوصا وسائل التواصل الاجتماعي، مع ضرورة السماح للدعاية الانتخابية للانطلاق منذ اليوم الاول لاعلان الانتخابات حتى اغلاق الصناديق؛ بعيدا عن التعقيدات الموجودة في القانون الحالي.

وختاما، لا بد من تظافر الجهود للخروج من مرحلة “سطوة اللحظة الآنية وكثافتها” إلى المرحلة الانتقالية التي تسعى الدولة لها الأردنية وفقاً لما أعدت لجنة التحديث المنظومة السياسية.

ضجيج اللافتات الانتخابية إلى متى؟


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version